الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 10 مارس 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
بطرس ماشيًا على الماء
وَلَكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ، صَرَخَ قَائِلاً: يَا رَبُّ، نَجِّنِي! ( متى 14: 30 )
لم تكن غلطة بطرس نزوله من السفينة، بل نظره الريح الشديدة والأمواج المتلاطمة، وتفكُّره فيما كان يُحيط به عوضًا عن النظر إلى يسوع. فقد بدأ سيره في سبيل لا يستطيع غير الإيمان أن يسير فيه؛ سبيل إن خلا من الرب يسوع فليس هناك سواه يقدر بطرس أن يتمسَّك به، فلا سفينة بجانبه، ولا قارب نجاة بقربه، ولا رافدة تُغيثه من الغرَق. وقصارى القول: فإما المسيح الكل وإلا فلا. إما السير مع المسيح على المياه، وإما الغرَق في البحر بدونه. وليس ما يسند القلب ويُشجعه في هذه الطريق غير الإيمان الذي في وسعه أن يحيا ويسير وسط الأمواج المُزبدة والجو المُلبَّد المكفهِّر. فالإيمان يطأ بقدمهِ أشد الأمواج هياجًا، وعدم الإيمان لا يقدر أن ينقل خطوة واحدة حتى ولو كان البحر ساكنًا.

وإن كان من المُسلَّم به أن بطرس قصَّر، فهل من تقصيره يُستدَّل أنه كان مُخطئًا في دعوة سَيِّده؟ وهل وبَّخه وأنَّبه الرب يسوع على مغادرته السفينة؟ كلا. فإن هذا لا يليق بالسَيِّد، فإنه ما كان يأمر عبده بالإتيان إليه ثم بعدئذٍ يؤنِّبه وينحى عليه باللائمة. فهو تبارك اسمه عرف ضعف بطرس، وعرف أيضًا أن يرِّق له ويرثي لحاله. من ثم نقرأ «ففي الحال مدَّ يسوع يَدَهُ وأمسَكَ بهِ وقال له: يا قليل الإيمان لماذا شككت؟».

ولاحظ أنه لم يَقُل له: “أيها الطائش الأهوج المتهوِّر لِمَ تركت السفينة”، بل «لماذا شككَت؟». فكان توبيخه غاية في الرقة ومنتهى الحنو. وأين سمع بطرس هذا التوبيخ؟ في حضن سَيِّده! على ذراعي الحبيب! وأنعم به من مكان! ويا لها من لذة واختبار! أ فما كان يليق ببطرس أن يترك السفينة ليذوق هذه الغبطة؟ ومَن يشك في ذلك؟ فبطرس كان مُحِّقًا في ترك السفينة، ولو أنه لم يستمر في السير بالإيمان وخار في هذا الطريق الشريف، وكانت العاقبة طبعًا أنه أدرك ضعفه وعدم نفعه، ثم فَهِمَ نعمة ومحبة سَيِّده له.

أيها الأحباء: لقد دعانا الرب لترك الأرض وما فيها من الآمال والأماني والاتكال على البشر وكل مصادر الطبيعة التي تستند عليها قلوبنا المسكينة. فيا ليتنا كلنا نطيع الدعوة، فهو يشتاق أن نكون قريبين منه سائرين معه، معتمدين عليه، ناظرين لا للظروف، ولكن دائمًا ناظرين إليه وحده.

قد كنتَ قبلاً عَونَنا ولم تَزَلْ أيضًا تُعينْ
لذا إليكَ كلُّنا ما زِلنا دومًا ناظرينْ

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net