الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 8 مايو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
لِمَ كل هذه الآلام؟
وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا ( إشعياء 53: 5 )
سيبقى الصليب فريدًا في فاعليته الأبدية، فلا مثيل للحزن ولا شبيه بالمحبة التي تقابلت هناك. فلم يقف بجانب المصلوب مُعزُّون ليُسكِّنوا حزنه، ولم تمتد يد لتُخفف من غصص آلامه، ولم تلفظ شفة كلمة مواساة تواسيه، حتى صرخ «لا مُعِين» ( مز 22: 11 ). وكأس الغضب، كأس دينونة الله العادلة ضد الخطية، لم تُمزَج بها نقطة من الرحمة، ولم يُلازمه صديق حنون شفوق يُفرج عنه كربة آلامه.

عرف كل ما كان مزمعًا أن يُصيبه. احتمل الصليب مستهينًا بالخزي. كانت شهوة قلبه وغاية مُنَاه أن يُمجِّد أباه. أحب أباه وأحبَّنا. يا عجبًا من حُبه! ويا لهول حزنه! سيف رب الجنود البتَّار استُّل من غِمدهِ وبقضائه الصارم خُضّب بدمهِ. ينابيع الغمر انفجرت عليه، وطاقات السماء انهمرت فوق رأسه. غمرٌ يُنادي غمرًا، رعود جبل سيناء أرعدَت عليه، وأمواج العدل أزبدت في وجهه، وقصاص الخطية العادل تجمَّع كله على يسوع الوديع المُحب الطائع. تركه الله، ومات البار عن الفجار، والحَمَل الذي بلا عيب ولا دَنَس «أكمَلَ إلى الأبد المُقدَّسين» ( عب 10: 14 ).

ولِمَ كل هذه الآلام؟ لأن المسيح حَمَل الآثام، ومجد الله استدعى إدانة الخطية إذ لا مفر من أن يدين الله الخطية، ولا مندوحة من ذلك، وأنَّى له أن يُخلِّصنا وهو البار بدون أن يدين الخطية. الله البار يُحب البر، ويسوع حَمَل خطايانا لأنه الإنسان الكامل الذي بلا خطية. الله أرسله لكي يُخلِّصنا فأتى راغبًا قائلاً: «هنذا أجيءُ .. لأفعل مشيئتكَ يا الله» ( عب 10: 7 ). وإذ مجَّد الله كإنسان على الأرض أكثر من ثلاثين سنة، حان الزمان - وفقًا لمشورات الله ونعمته - أن يكون ذبيحة لأجل الخطية، وهكذا وُضِعَ عليه إثم جميعنا «وهو مجروحٌ لأجل معاصينا، مسحوقٌ لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليهِ، وبحُبُرِه شُفينا» ( إش 53: 5 ). هذا هو عِلة تركْ الله لمخلِّصنا المُحب الكامل، والسبب في موته لأن أجرة الخطية موت، فمات لأجل خطايانا حسب الكتب، وأقامه الله من بين الأموات، وأجلَسه عن يمينه في السماوات، مُكللاً بالمجد والكرامة.

إن التأمل في آلامه التي يعجز عن وصفها القلم ويَقصُر دونها البيان، يُذيب نفوسنا. عزيزي .. ليتك تفكِّر في حبه وحزنه وألمه وعاره وسحقه وترْكه حتى يتصاعد هتاف الترنم من قلبك قائلاً:

بِحُبِّكَ الشَّافِـــــــــــــــــــي بِحُبِّكَ الْكَافِــي
بِحُبِّكَ الْوَافِـــــــي أَحْبَبْتَنَا يَا رَبْ

تشارلس ستانلي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net