الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 15 يوليو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تمهُّل الحكمة الإلهية
طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا، وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ ( لوقا 1: 13 ، 14)
زكريا وأليصابات زوجان رائعان، كوَّنا ثنائيًا تقيًا، فهما يخافان الله ويسلكان في طرقه المستقيمة ( لو 1: 6 ). ولكن رغم هذا، لم تَخلُ حياتهما من عقدة لا حل لها، وحرمان قاسٍ يسحب من رصيد السعادة لديهم؛ فقد حُرِما من الإنجاب، وهو أمر صعب جدًا على اليهود في ذلك الوقت، ويبدو من استهلال قصتهما الثرية، أنهما صلَّيا كثيرًا لله، لكي يُعطيهما نسلاً، ولكنه لم يُجبهما، لدرجة أنهما نسيا هذه الطلبة، وظنا أن الله أيضًا قد نسيها!!

ولكن يلفت نظري، أنهما تعاملا مع تجربتهما باعتبارها جملة اعتراضية، واستمرا في ممارسة حياتهما الاجتماعية بشكل طبيعي، وفي علاقة روحية سويَّة وصحيحة مع الله، بدليل أن زكريا دخل ليبخِّر في الهيكل حين أصابه الدور ( لو 1: 8 ، 9)، ولم ينشغل بملف الابن المُنتَظَر، واهتم فقط بخدمة الناس وكهنوت الله، رغم أن الله لم يستَجِب طِلبته، ولم يُسدِّد حرمانه بعد!

وهنا الدرس الأول لنا؛ فيقينًا في حياة كل منَّا، حرمان مُشابه، أو ألم قاسٍ، أو تجربة بلا تفسير، ولهذا فعلينا أن نحذو حذو هذين الزوجين الرائعين، ونضع كل هذا في جملة اعتراضية، لأن هذا هو مكانها، ولأنه هكذا ينظر الله لها، فمهما كانت آلام وضيقات الحاضر، فهي جملة اعتراضية ودخيلة بالنسبة لأمجاد المستقبل، لأن «آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلَن فينا» ( رو 8: 18 )، وعلينا أن لا ندَع هذا الحرمان مهما كان، يقفز من داخل أقواس الجملة الاعتراضية، فيسلِبنا فرحنا الوفير، ويشكِّكنا في صلاح إلهنا القدير.

وسمع الله طِلبة الزوجين القديمة، وأرسل ملاكًا لزكريا يبشِّره بذلك، وقال له: «طِلبتك قد سُمعت، وامرأتك أليصابات ستَلِد لك ابنًا وتُسمِّيه يوحنا، ويكون لك فرحٌ وابتهاجٌ، وكثيرون سيفرحون بولادته لأنه يكون عظيمًا أمام الرب»، وبالفعل صار يوحنا عظيمًا؛ بل هو أعظم المولودين من النساء بشهادة رب المجد نفسه ( مت 11: 11 ).

وهنا الدرس الثاني لنا؛ فالله الحكيم القدير عندما يتمهَّل في الاستجابة لطِلباتنا، ليس لكي يُعذبنا أو يتلذَّذ بذُّلنا، ولا لكي يحرمنا من فرحٍ لازمٍ وجازمٍ لنا، ولكن لديه تعالى حكمة إلهية جليلة، تجعله ينتظر علينا لكي يعطينا “يوحنا” الأفضل والأعظم والأبقى لنا، سواء هنا، أو في الأبدية، وإن أدركنا هذا، فسيستمر فرحنا، ليس فقط بعطايا محبته، بل أيضًا بتمهُّل حكمته!!

فادي كيرلس
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net