الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 21 يوليو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يوحنا المعمدان
يُوحَنَّا ... يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ ( لوقا 1: 13 ، 15)
كان التكليف المُعطى لجبرائيل أن يُعلِن بشارتين؛ الأولى لزكريا الكاهن، والثانية للمطوَّبة مريم. ولكن فحوى هاتين الرسالتين وظروفهما، تُبرِز لنا المفارقة أكثر من المشابهة. فقد قيل عن زكريا وامرأته إنهما «كانا كلاهما بارَّين أمام الله، سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم» ( لو 1: 6 )، وبالرغم من ذلك فقد زحفت الشيخوخة لكليهما، وأمسَت «أليصابات عاقرًا».

أ فلا نرى فيهما صورة لأتقياء إسرائيل؛ فعلى الرغم من إيمانهم، كانوا غير قادرين على الإطلاق أن يأتوا بثمر، وهم تحت الناموس؟ وفضلاً عن ذلك فلم تنشأ فيهم الموَّدة والألفة الحميمة مع الله. فزكريا الذي يُمثل أتقياء إسرائيل، لمَّا رأى الملاك «اضطرب ووقعَ عليهِ خوفٌ». وفي النهاية لم تُنشئ فيه البشارة ثقة، فهذه تتولَّد بالنعمة فقط. وبقيَ الكاهن تحت الناموس غير مُصدِّق لبشارة النعمة التي تكلَّم بها جبرائيل. وهكذا بقيَ الذي يُمثل الناموس صامتًا، لا يقدر أن يتكلَّم، حتى اليوم الذي تحقق فيه وعد الله بالنعمة، وأمكنه بعد ذلك – مثل البقية – أن يُسبِّح مَن منحَهُ الخلاص.

أما المُطوَّبة مريم فلم تكن تقية فقط، بل متواضعة وبسيطة أيضًا، إذ كانت غرضًا للنعمة، وليست مُعبِّرة عن الناموس. لقد قال لها جبرائيل: «أيتها المُنعَم عليها! .. لا تخافي .. قد وجدتِ نعمةً عند الله». ولقد كانت خاضعة، فقالت: «هوذا أنا أَمَةُ الرب»، وثقتها كانت في كلام الله، فأضافت: «ليكن لي كقولك» ( لو 1: 30 - 38).

والمُفارقة بين الرسالتين تستوجب الملاحظة؛ فلقد قيل عن يوحنا: «لأنهُ يكون عظيمًا أمام الرب»، ولكن قيل عن يسوع: «هذا يكون عظيمًا». لقد قامت كل عظمة المعمدان على الشخص الذي كان سفيرًا ومُناديًا له، بينما كان يسوع عظيمًا في ذاته وبذاته. كان يوحنا عظيمًا بسبب الكرامة التي حظى بها لكونه مُرسَلاً لمَن قال عنه جبرائيل: «لا يكون لمُلكهِ نهاية».

ولكن كلمات جبرائيل عن يوحنا «يكون عظيمًا أمام الرب»، لا تُعبِّر عن كل صفات المعمدان، فيُضيف: «وخمرًا ومُسكِرًا لا يشرب»؛ وهذا هو النذير الذي يَحرِم نفسه من الخمر، علامة فرح القلب للإنسان الطبيعي مع نُظرائه. ولكن في قلبه حلَّ فرح الشركة مع إلهه؛ الفرح الإلهي. والعلامة المعجزية التي ميَّزته أنه وهو في بطن أُمهِ ابتهج عندما وصلت تحية أُم ربه وسَيِّده إلى أَلِيصَابَات ( لو 1: 44 )، وفي نهاية حياته قال: «فرحي هذا قد كَمَلَ» ( يو 3: 29 ).

هنري روسيه
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net