الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 13 سبتمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الوطن السماوي
فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ ( فيلبي 3: 20 )
كلمة “سيرَتنا” ترجمتها حسب الأصل: “وطننا” أو “موطننا”. ولكي يكون الإنسان مواطنًا في دولةٍ ما، معناه أن هذه الدولة هي مكانه المُفضَّل، قِبلة أنظاره، وموضوع مشغولية قلبه. ويترتب على هذا الامتياز أن المواطن يتخلَّى عن أي التزام قِبَل أية دولة أخرى غير تلك التي أصبح مواطنًا فيها. والآية موضوع تأملنا تقول: إن وطننا هو السماوات، وهذا معناه أننا على الأرض هنا غرباء ونُزلاء وأجنبيين. وحيث إننا في المسيح فلسنا بعد من هذا العالم ولو أننا فيه، لأجل ذلك يحذرنا الرسول يوحنا قائلاً: «لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحبَّ أحدٌ العالم فليست فيهِ محبة الآب» ( 1يو 2: 15 ). وكمسيحيين موطننا في السماء، يجب ألا نضع ثقتنا في المنظور، ولا أن تتجه ميولنا إلى شيء مما في العالم، حتى لا تتحوَّل عواطفنا عن المسيح، ولا تلتفت أنظارنا إلا إلى وطننا السماوي.

ويُقدِّم لنا الوحي المقدس عيِّنة ممَّن يعتبرهم أمثلة للمواطن السماوي الصالح. وفي مقدمة هؤلاء المواطنين “إبراهيم” الذي إذ دُعيَ من الله ترك أرض وطنه، وأتى إلى كنعان، وفضَّل أن يُقيم في خيام على أن تكون له أرض السقي في دائرة الأردن حيث توجد سدوم، وذلك لأنه كان «ينتظر المدينة التي لها الأساسات، التي صانعها وبارئُها الله» ( عب 11: 10 ).

ولنا في “موسى” مَثَل آخر، فقد رفض موسى كل خزائن مصر وكل «تمتُّع وقتي بالخطية». وقد حَسِبَ أن الذُّل مع شعب الله أفضل من إقامته بمصر أميرًا بقصر فرعون، وحَسِبَ عار المسيح غنىً أعظم من خزائن مصر، وذلك لأنه كان ينظر إلى المُجازاة بوطنه السماوي الأفضل.

وهكذا نرى “راحاب” وقد رفضت الإقامة بأريحا مُفضِّلة أن تسير مع إله إسرائيل، وأن تكون مع شعبه، إذ قد علمت وآمنت أن إلههم القوي سوف يُخرِب أريحا.

ويعوزنا الوقت إن أخبرنا عن الكثيرين الذين رفضوا بإباء أماكنهم العالمية السامية، وأوطانهم المتمدينة الأرضية، وكإبراهيم تطلَّعوا إلى تلك المدينة السماوية، التي صانعها وبارئها الله.

ونحن كمَن أُفرزوا من العالم وصرنا مواطنين سماويين، يجب أن ننبذ كل ما يربط قلوبنا بهذا العالم، وكل ما يدَعنا نتعلَّق بأمور الزمان الحاضر، حيث المُغريات التي لها قدرتها على تحويل أنظارنا وخِداع قلوبنا، ولا سيما في أوقات ضعفنا.

ف. ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net