الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 14 ديسمبر 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
نبوخذنصَّر وتمثال الذهب
«خرَّ كـل الشعوب والأُمم والألسنة وسجدوا لتمثال الذهب الذي نصَبَهُ نبوخذنصَّر الملك» ( دانيال 3: 7 )
بعد أن نصب نَبوخذنصَّر تمثال الذهب، جمَع الملك القادة السياسيين في مملكته، مع أُمراء البيت الملَكي، والقادة العسكريين، وقضاة المحاكم، والاقتصاديين، والمستشارين؛ فكل هؤلاء يجب أن يحضروا تدشين التمثال. عندئذ ناد مُنادٍ بالأمر، أنه في وقت مُعيَّن، بمُصَاحَبة الموسيقى التي تُثير الأحاسيس، يَخُر الجميع ويسجدوا لتمثال الذهب. ومن لا يَخُر ويسجد فإنه سوف يُواجه موتًا مُرعبًا على الفور. فكل مَن يرفض أن يطيع سوف «يُلقى في وسط أتون نار مُتَّقدَة» ( دا 3: 1 - 6).

من وجهة النظر البشرية، كانت هذه ديانة بسيطة للغاية، وكل ما تتطلَّبه هو سجود بسيط أمام تمثال، وينتهي الموضوع. فمثل هذه الديانة كانت تناسب بصورة رائعة طبيعة الإنسان الساقطة؛ تمثال مُبهر للنظر، موسيقى جميلة لتسبي السمع، سجدة واحدة تنتهي في لحظة، بدون أي ضغوط على حافظة النقود، وبدون أن تُـثير مسألة الخطية فتُزعج الضمير. كما أن العقوبة القاسية المرتبطة بعدم الخضوع ترعب بشدة الإنسان الطبيعي، الذي سيكون مُستعدًا إلى حد كبير أن يُطيع مرسومًا يأمـر بطلبات بسيطة كهذه. لذلك، ففي الوقت المُعيَّن «خَرَّ كلُّ الشعوب والأُمم والألسنة وسجدُوا لتمثال الذهب» (ع7).

وإذ نفحص الأمر في نور الله الحي الحقيقي، فإن أمرْ الملك كان هيجانًا فظًا، وعنفًا وثنيًا. فلم يسبق أن أقام إنسان مثل هذا التمثال المهيب، ولا سبق أن اُمرت كل شعوب الأرض أن ترضخ لتمثال واحد تحت عقوبة موت مُريع. لقد كان إنكارًا مُطلقًا واستبعادًا لحقوق الله. هذا هو الإنسان، وقد وَضعه الله في مركز سُلطة كونية على العالم، ولكنه في الحال يستخدم هذه السُّلطة لكي ينكر الله!

ولم يكن تدشين هذا التمثال فقط تجاهلاً لحقوق الله، بل به أيضًا سَحَقَ الملك تحت قدميه ضمائر الناس (ع8- 12). وفي هذا ذهب الملك إلى ما هو أبعد من دائرة سُلطته القانونية، إذ تعدَّى على سيادة الله. وهذا يبرز في المقدمة رجال يخافون الله، يطيعون الله أكثر من الناس، مهما كانت كُلفة الثمن. فقد وُجد بعض اليهود، الذين بينما كانوا مستعدين أن يطيعوا الملك في منطقة نفوذه الخاصة، غير أنهم رفضوا أن يُطيعوه تمامًا إذا ما تعدَّى على حقوق الله.

هاملتون سميث
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net