الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 30 مايو 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الإله السرمدي والامتحان
«وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحنَ إبراهيم» ( تكوين 22: 1 )
يا له من امتحان وضع الله إبراهيم فيه! يُجرِّبنا إبليس لكي يأتي بالشر الموجود في قلوبنا، أما الله فيمتحنا حتى يأتي بالخير. لكن الله لا يُرسل لنا أية تجربة، دون أن يَعدّنا لها أولاً. فالتجارب هي تصويت الله بالثقة فينا. كثير من الأحداث البسيطة تُرسَل لكي تمتحنا قبل أن يُسمح للتجربة الأعظم أن تحل على رؤوسنا. فيُخطَّط لنا أن نتسلَّق القمم المنخفضة قبل أن نُحث على القمم الأكثر ارتفاعًا. كما يُسمَح لنا أن نجري مع المُشاة قبل أن نُباري الخيل. ونتعلَّم أن نخوض في المياه الضحلة، قبل أن نُغامر وسط أمواج المحيط المُزبدة. لذلك نقرأ: «وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم».

وفي كثير من الأحيان يعدُّنا الله للتجربة القادمة بأن يُعطينا إعلانًا جديدًا ومباركًا عن نفسه. ففي نهاية الأصحاح السابق (تك21)، يُخبرنا الكتاب أن إبراهيم «غرسَ ... أثلاً في بئر سبع، ودَعَا هناك باسم الرب الإله السرمَدي». لقد كان إبراهيم يعرف الله باعتباره ”الله القدير“ ( تك 17: 1 )، ولكن ليس ”كالإله السرمدي“. إن عدم قابلية ”يهوه“ للتغيير، وتحرُّره من التغير، والزمن، والوسائل؛ كل هذه أُعلِنَت فجأة لروحه، بطريقة جديدة وأكثر حيوية. هكذا التهبَت نفس أبي الآباء بالسلسلة الرفيعة من الأفكار السامية والمُقدَّسة، بينما كان يستخدم هذا الاسم في الصلاة بجانب البئر، وتحت الظلال الممتدة للشجر الذي غرسه. كان هذا الاسم الجديد سيُمكِّنه، من تحَمُّل صدمة الحزن الآتي بصورة أفضل.

ثم جاءت التجربة العظيمة مُفاجئة تمامًا. فكما رأينا، كانت الحياة تسير بسلاسة ويُسرْ مع أبي الآباء، وهو في علاقة ودّ مع أبيمالك ( تك 21: 22 -32)، وآمِن لآباره، سعيدًا بوجود إسحاق، وصديقًا للإِلَه السَّرمدِي. ويُمكننا عن حق أن نُعلن بقوة: ”يا لك من رجل سعيد! لقد دخلت أرض موعد؛ شمسك لن تأفل أبدًا، ولا نهارك سينتهي. أمامك سنوات مُشرقة، في سلسلة متصلة من البركات“. لكن هذا لن يحدث. ففي تلك اللحظة تمامًا، مثل الصاعقة في السماء الصافية، انفجرت عليه أقسى تجربة في حياته. لا تُعْلِن في كثير من الأحيان قطارات السماء السريعة عن مجيئها بجرس إنذار، أو بإشارات التهدئة؛ بل تندفع فجأةً إلى محطة النفس. فيليق بنا إذًا أن نكون على استعداد دائم؛ لأنه في ساعة لا نعرفها، وبهيئة لا نظنها، يأتي الله ليمتحن المؤمن.

ف. ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net