الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 28 أكتوبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الراعي يُضرَب والرعيَّة تتبدَّد
«مَكتوبٌ: أَني أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتتبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ» ( متى 26: 31 )
لم يترك المسيح نفسه مُقيدًا بثقل ما كان ينتظره من آلام فوق التصوُّر، بل استغل الوقت الذي مشى فيه مع تلاميذه نحو جثسيماني، لكي يُحذرهم ممَّا سيحدث. فأعلن لهم مرةً أخرى أنه سيُرفَض من الأُمة، كما أعلن لهم أيضًا إنهم سيخجلون من علاقتهم به، وأنهم سيشكُّون فيه، لكنه أوضَحَ لهم أنه هو لن يتخلَّى عنهم.

من هذا نتعلَّم أنه لم يكن شيء من أحداث تلك الليلة العصيبة خافٍ عن المسيح، فأعلن لتلاميذه أنهم جميعًا سيشكُّون فيه، وأنهم سيشكُّون فيه في تلك الليلة عينها، ولقد بنى كلامه هذا على نبوة زكريا 13: 8. إذن ففي مسألة الصليب لم تكن هناك حادثة واحدة صُدفـة، الكل كان بمقتضـى علم الله السابق، ومشورته المحتومة. ثم إن نبوات الكتاب تمَّت في الصليب بكل دقة، وهكذا هي دائمًا تتم إتمامًا حرفيًا.

ونحن لا نلمس نغمة غضب في كلام المسيح هنا لتلاميذه، ولا نبرة تهديد، بل إنه بكل جديَّة يُحَذِّر تلاميذه الضعفاء. والمسيح هو الراعي الصالح الذي اعتنى بخرافه، فهو مَن طلب منه الرب إلهه أن يرعى غنم الذبح، أذلّ الغنم ( زك 11: 7 ، 11). وهو من جانبه دعاهم بأسمائهم، وذهب أمامهم. لكنه كان مزمعًا أن يُضرَب نيابةً عنهم ويموت لأجلهم. والخراف المسكينة الضعيفة الجاهلة حين ترى راعيها يُضرَب، ستتشتت لا محالة. وهي إن كانت ستتشتت إلى حين، ولكن موت الراعي سيكون الأساس لجمعها إليه إلى الأبد ( يو 11: 51 ، 52).

ويستطرد الرب مشجعًا تلاميذه بأنه لا داعٍ للفشل، فبالنسبة له لن يكون الموت هو خاتمة المطَاف، إذ سيقوم من الأموات. ثم إن تشتتهم لن يكون هو النهاية بالنسبة لهم، إذ سيتم جمعهم ثانيةً، فهو بعد القيامة سيسبقهم إلى الجليل، حيث كان قد جمعهم في الابتداء.

وما قاله المسيح هنا حدث فعلاً وحرفيًا بعد القيامة. وإن كان التلاميذ قد نَسوا هذا الوعد، بسبب الأحداث التي زلزلت قلوبهم في تلك الفترة، ولكن الملاك ذَكَّرَهم به ( مت 28: 5 ، 7)، وهم ذهبوا فعلاً بعد قيامة المسيح إلى الجليل، وهناك ظهر لهم الرب المُقام ( مت 28: 16 ، 17). وما تَعَلَّمه التلاميذ في تلك الليلة من سيدهم، هو ما نحتاج جميعًا أن نتعلَّمه، فبدون معونة الرب لنا يستحيل أن نكون أُمناء له. ويمكن القول: إن عجزهم أوضَح بطريقة خاصة كفاءته، وخيانتهم أبرَزت بصورة رائعة أمانته.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net