الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 21 ديسمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
النعمة ورَّد النفس
«رَجَعَتْ ... لأنهَا سَمِعَت ... أَنَّ الرَّبَّ قَدِ افْتقَدَ شَعبَهُ لِيُعطِيَهُم خبزًا» ( راعوث 1: 6 )
مات أليمالك، ولكن النتائج المُحزنة لخطوته الخاطئة لم تقتصـر على نفسه فقط. فنُعْمِي زوجته وابناه تبعوه إلى موآب، وارتبط الابنان بمُصاهــرة مع مؤابيتين، بخلاف ناموس الرب، وانقضَت عشر سنوات، ووضع الموت يديه على كل من الابنين. وها قد حُرمت نُعْمِي من زوجها وابنيها، وتُركت أرملة وحيدة بلا أولاد في أرض غريبة. لقد تركَت أرض الله لتهرب من تجارب الجوع، فما وجدت في أرض موآب سوى المرارة والأحزان. لقد جرَّدها الرب وجعلها مهجورة، ولكنه لم يتركها. واليد التي امتدَّت عليها بهذه الضربات المُوجعة إنما كانت تتحرَّك بقلب يُحبها. وتأديبات الرب أعدَّت الطريق لرَّد نفسها.

ولكن دعونا نَعبُر من التحذير الخطير من فشل القديس، إلى التعليم الغني عن نعمة الرب التي ترُّد النفس. لقد ضلَّت نُعْمِي عن أرض الرب وذهبت إلى موآب، ولكنها لم تجد غير الأحزان، وأتَت تحت يد الرب المؤدّبة. وحتى لو أدَّبنا الرب فإنه يؤدبنا لبركتنا، ليُرجعنا إليه وإلى دائرة شعبه في أرضه الخاصة. ولذلك ففي النهاية أتَت تأديبات الرب بهذه النتيجة، إذ نقرأ عن نُعْمِي أنها «قامَتْ هِيَ وَكَنَّتَاهَا وَرَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ» ( را 1: 6 ).

ولكن ما الذي قادَها للرجوع؟ أ هي الأحزان التي تحمَّلتها والخسارة التي أصابتها؟ كلا! بل الأخبار الطيبة لنعمة الله هي التي اجتذبتها للرجوع «رَجَعَتْ ... لأَنَّهَا سَمِعَتْ فِي بِلاَدِ مُوآبَ أَنَّ الرَّبَّ قَدِ افتَقدَ شَعْبَهُ لِيُعطِيَهُم خُبزًا». إن الأحزان لا تُحرِّكنا للرجوع إلى الرب، مع أننا قد نتعلَّم منها مرارة التيهان، وهي تُعِد القلب ليُصغي إلى الأخبار الطيبة عن الرب ونعمته لشعبه. والابن الضال الذي رجع لأبيه، لم يكن بؤسه وحاجته ومرارة عبوديته والخرنوب والجوع الذي في الكورة البعيدة هو الذي أرجعه، بل تذكُّره للخير الذي في بيت أبيه، والنعمة التي في قلب أبيه قادته أن يقول: «كَم مِن أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنهُ الْخُبزُ وَأَنَا أَهلِكُ جُوعًا! أَقُومُ وَأَذهَبُ إِلَى أَبِي». فليس بؤس وشقاء الكورة التي كان فيها، هو الذي أعاده، بل نعمة قلب أبيه أعادته. كذلك مع نُعْمِي في أرض موآب، حيث أُخذ منها الجميع، وسمعت في بلاد موآب «أَنَّ الرَّبَّ قَدِ افتقَدَ شَعبَهُ لِيُعطِيَهُم خُبزًا ... خَرَجَتْ مِنَ المَكَانِ الَّذِي كَانَت فِيهِ ... لِلرُّجُوعِ إِلَى أَرضِ يَهُوذَا». إن خطايانا تُقسـِّي قلوبنا وتبعدنا عن الرب أكثر، لكن نعمته تُذيب قلوبنا فتجذبنا إليه ثانيةً.

هاملتون سميث
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net