الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 9 ديسمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
صرخة الترك من الله
«إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذا ترَكْتنِي؟» ( متى 27: 46 )
لماذا ترك الله المسيح فوق الصليب؟ لقد تركَهُ لأن هذه هي أُجرة الخطية، فأُجرة الخطية هي موت. وإن كان الموت الجسدي هو انفصال الروح عن الجسد، فإنَّ الموت الروحي هو انفصال روح الإنسان عن الله. إنه البُعد عن الله مصدر الحياة، والانفصال عن الله مصدر النور. لهذا كان ينبغي أن يُترَك المسيح من الله، لأنه فوق الصليب كان يدفع، نيابةً عنا أُجرة الخطية، التي هي موت.

وعند الصليب كان هناك شخص يمكننا أن نراه، هو المسيح الذي كان مُعلَّقًا فوق الصليب، يحتمل عقوبة الموت نيابةً عنا، كما كان هناك شخص آخر لا نراه، هو الله الذي لا يُرى، وكان هناك باعتباره الديَّان العادل. كان المسيح مُمثِّلاً للإنسان، يدفع نيابةً عنا أُجرة الخطايا التي ارتكبناها في شرِّنا وبُعدنا عن الله، كقول الوحي: «كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيهِ (أي على المسيح) إِثمَ جَمِيعِنا» ( إش 53: 6 ). ونحن لا يجوز لنا أن نقول إن الآب صرف وجهه عن ابنه وهو فوق الصليب، بل الصحيح أن المسيح تُرك من الله عندما كان بديلاً عنا، يدفع أُجرة خطايانا.

ومن مزمور 22 نفهم أن الله ترك المسيح لأنه القدوس. ولماذا الله – باعتباره القدوس – يترك المسيح فوق الصليب؟ هل كان في المسيح أي شيء لا يتوافق مع قداسة الله؟ كلا البتة، بل لأنه - تبارك اسمه – قَبِلَ أن يُمثِّل الخطاة، وكانت خطايانا موضوعة عليه في ذلك الوقت.

إننا من خلف حجاب تلك الظلمة نرى سيدنا كذبيحة الإثم، يتألم الآلام الكفارية. نراه يحتمل حُمُوَّ غضب الله الديَّان العادل ضد الإنسان الشرير. نراه - بصفته الضامـن - يدفع الغرم الذي كان علينا نحن أن ندفعه، يوم قال للعدل الإلهي: ”احْسِب خطاياهم عَلَيَّ، أَنَا أُوفِي“ (انظر فليمون 18، 19). ثم نجده بذلك يمحو بدمائه الخطايا التي كانت علينا، ويُزيل بصليبه اللعنة التي كانت تُهدِّدنا، ويهدم بموته حائط السياج المتوسط الذي كان يفصل الإنسان عن أخيه، وبجسده يفتتح الطريق الحديث إلى محضر الله، وفي قبره يدفـن خطايانا ويتركها هناك إلى الأبد. وفي كل ذلك نراه مُنهمكًا في أعنف صراع، ويُسجِّل أروع انتصار، به مجَّد الله، وقهر الشيطان، وخلَّص الإنسان!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net