الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 8 فبراير 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
لابان الأراميّ وآلِهَتِه
«وَقَالَ لاَبَانُ لِيَعْقُوبَ ... لِمَاذا سَرِقتَ آلِهَتِي؟» ( تكوين 31: 26 - 30)
مأساة أن يعقوب وصل بيت خاله لابان هاربًا من أخيه، وها هو يترك بيت خاله، هاربًا من خاله! ولكن رغم كل طرق يعقوب المؤسفة، يجب أن نذكـر صبره؛ لقد احتمل، بدون تذمُّر، المشقَّة والحرمان، وكذلك الأخطاء الصادرة من لابان، ونجده يُعدِّدها في الأعداد 39-41. لكن ما شدَّده وعضَّده، تَذَكُّره للأرض التي أعطاها الله لإبراهيم ونسله، ولم ينسَ أيضًا الوعد الذي أعطاه له الله في بيت إيل، أن يُرجعه إلى أرض كنعان. لقد حفظ ذكرى هذا الرجاء في قلبه، وجاء الوقت لإتمامه أخيرًا. أَوَ ليس لنا نحن المؤمنين أيضًا، وعد لا يخيب من الله بخصوص وطن سماوي سيُدخلنا إليه عن قريب؟ هذا الفكر، وهذا الرجاء يُعطياننا كل الصبر، وكل الشجاعة اللَّازمة لمواجهة الصعاب، واحتمال حتَّى الأخطاء الصَّادرة ضدنا من الآخرين ( يع 5: 7 ، 8).

لمَّا سمع لابان أن يعقوب هرب (ع22)، تبعَهُ سبعة أيام، حتى أدركه. كان عمر لابان في ذلك الوقت حوالي 140 سنة، بمعنى أن ”رجله والقبر“، ولكنه كان مكَّارًا وبخيلاً ومُرائيًّا، وقلبه ملآن بالطمع والحَسَد. تظاهَر لابان بالحب لابنتيهِ ولأولادهما، والحقيقة أنه ما كان يعنيه سوى مصلحته الشخصية (ع15)، كما ادَّعى بأنَّه يخاف الربّ (ع29، 53)، والواقع أنه كان يبحث عن آلهته الكاذبة.

في عددي 29، 30 نجد أمرين على طرفي نقيض. فنجد أولاً الإله الحقيقي ”إله إبراهيم وإسحاق“، يُدافع عمَّن له، ولو كان مثل يعقوب، وهو ما شهد به لابان نفسه؛ أما إله لابان فإنه يُسرَق ( قض 6: 31 ). لكن من الناحية الأخرى هو أمر مُحزن أن نرى راحيل لا تزال متعلِّقة بهذه الأصنام (ع32). على العكس من ذلك كانت رفقة التي نستطيع أن نتأكَّد أنَّها تركت تلك الأصنام مسرورة، عندما خرجت من بيت أبيها مع عبد إبراهيم. هكذا توجد أشياء كثيرة في العالم، نظن أنَّنا نقدر أن نأخذها معنا في الطريق ونحن ذاهبون إلى وطننا السماوي. وقد نقدر أن نُخبِّئها لفترة من الوقت في أعماق قلوبنا عن عيون الذين حوالينا. ليت الرب يقنع قلوبنا، فنتخلَّص مُبكرًا من تلك الأوثان، ونتخلَّى فورًا عن أي شيء في قلوبنا يأخذ مكان الربّ يسوع.

أخيرًا، افترق يعقوب عن لابان (ع45- 55)، وكانت الرُجمة علامة الانفصال بين الاثنين. وهكذا ينبغي ألاَّ تكون مصالح مشتركة بين المؤمن وأهل العالم، حتى لو كانوا من الأقرباء.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net