الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 15 مارس 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
جارِيَةٌ اسمُها رَوْدَا
«فَلَمَّا قَرَعَ بُطرُسُ بَابَ الدِّهْلِيزِ جَاءَتْ جَارِيَةٌ اسْمُهَا رَوْدَا لِتسْمَعَ» ( أعمال 12: 13 )
في العلاقة بين ”رَوْدَا“ والمؤمنين المجتمعين نلاحظ رسمًا بديعًا للرابطة الجديدة والوحدة المُعطاة بالإنجيل: كانت ”رَوْدَا“ جارية، واسمها اسم أُممي، وحالة عبوديتها تجعل احتمال كونها ليست يهودية واردًا. ويمكننا أن نُسهب في التخمين أنه ليس بعيدًا أن مخدومتها مريم أم يوحنا مرقس وأخت برنابا - التي كانت امرأة مُقتدرة من أورشليم، وكانت تمتلك بيتًا كبيرًا يسَع أعضاء الكنيسة بأعداد كبيرة - قد أتت بهذه الجارية من جزيرة قبرص. على أي الأحوال كانت جارية، وفي زمن ربنا يسوع وبعده أيضًا، كانت علاقات العبيد تنطوي على الشك والخوف والتجسُّس الحقود، تقريبًا فى كل بيت روماني، لأن كل سيد روماني كان يعلم أنه يقضـي أيامه ولياليه بين عبيد وإماء لا يَسعون لشيء أكثر مِن أن يشفوا غليلهم بالانتقام منه. فواضح أن أعداء الإنسان كانوا هم أهل بيته. ولكن هنا نجد هذه الطفلة الأَمَة الأُممية، وقد لمَسها ذات الحب الجارف الذي لمخدومتها، فكانت كل من مريم ورودا ساجدتين معًا في اجتماع الصلاة، حينما قرع بطرس الباب. ولم تَعُد أي منهما تفكر في العلاقة غير الطبيعية وغير السَويَّـة التي كانت تربطهما قبلاً. ففي وقت الله المُعيَّن، وعندما تَشَبَّع المجتمع بالأفكار المسيحية، زال نظام الرِّق والعبودية هذا عن الأجواء المسيحية، واختفى هذا النظام العنيف الشيطاني واللاأخلاقي.

إن الإنجيل لم يشن حربًا مباشرة على العبودية - لكنه أرسى مبادئ، وإذ عملت في ضمائر المؤمنين جعلت استمرارها مستحيلاً. وتغيَّر الوجه القبيح للعبودية بمجرَّد أن صار السادة والعبيد جميعًا عبيدًا للرب يسوع المسيح. واليوم أيضًا على الإنجيل أن يعمل نفس نوع العمل ليُتممه، وهناك مؤسسات في أوج قوتها في المجتمعات المُتحضـرة مُضادة تمامًا لروح ومبادئ المسيحية، كما كان الاستعباد الروماني. أما من جهتي فأنا أومن أن الرابطة الوحيدة للمجتمع والدواء الشافي له هو في يسوع المسيح وحده، وفي المبادئ المُستخلَصة من إعلانه سواء بالكلمة أو بالعمل. وإذا ما طُبقت هذه المبادئ على كل الشـرور الاجتماعية، لكانت هي الشفاء، بل الشفاء الوحيد.

إن هذه الهيئة البسيطة للبنت الواقفة بباب مخدومتها مريم، والتي هي أيضًا أُختها في المسيح، يمكن أن تُؤخذ على أنها إشارة رمزية للطريقة التي يجب أن تُعالج بها الشـرور الاجتماعية والمدنية اليوم، والكف عن حروب وأحقاد الطبقية المقيتة.

ألكسندر ماكلارين
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net