الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 22 مارس 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
نُعمي وكنَّتاها
«فَقَالَتْ نعْمِي لِكَـنَّتيهَا: اذهَبَا ارْجعَا كُـلُّ وَاحِدَةٍ إِلى بَيْتِ أُمِّهَا» ( راعوث 1: 8 )
في الكتاب المقدس، نجد عادةً أن المرأة تُذكَر بالارتباط مع المركز والمقام، أما الرجل فيُذكَـر عادةً بالارتباط بالحالة العملية. وفي راعوث 1: 8 تتكلَّم نُعْمِي عن ”بَيْت الأُم“ مع أنه حسب الترتيب الإلهي بالنسبة للعلاقات العائلية يُذكَـر عادةً البيت كبيت الأب، وهذا يوجه الفكر إلى الحالة العملية. لذلك يتكلَّم بُوعَز إلى راعوث في أصحاح 2: 11 عن تركها ”بيت أبيها“. ولكن ذكر ”بَيْت الأُم“ هنا يوجه الفكر إلى مركز كل منهما في بيت أُمها وما تُلاقيانه فيه من الأمور الجذابة، مثل المحبة الطبيعية، والروابط الأُسَرية.

ولكن نُعْمِي لم تُذكِّـر كنتيها أنها هي شخصيًا لم تجد في موآب سوى الموت والظلام، ولا بأن الله قد أعلن أن هذا المكان سيصير خرابًا أبديًا ( صف 2: 9 ). فلو فعلت ذلك لكان هذا كفيلاً بأن يُخيفهما ويجعلهما ترجعان معها إلى بيت لحم ، بيت الخبز، حيث يُكرَم الله.

كانت نُعْمِي تريد أن تُقنع كنَّتَيها أن تبقيا في موآب، لذلك ذكرت أمورًا لها جاذبيتها. وهي وإن كانت أمورًا قد ترتبت من الله، ولكنها الآن تستخدمها لإغرائهما للبقاء في موآب. إن الخمر في حد ذاتها ليست شرًا، بل هي ”تُفَرِّحُ اللَّهَ وَالنَّاسَ“ (قض9)، ولكن مَن يريد أن يكون نذيرًا، فيُصبح بذلك مفرزًا بالكُليَّة للرب «فَعَنِ الخَمْرِ وَالمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ (أي يمتنع)» (عد6). فكل مَن يريد أن يكون قريبًا من الرب في عالم قد رفضه، فعليه أن يدوس أشياء ربما لا تكون في حد ذاتها شرًا، بل ربما تكون أمورًا حسنة، ولكنها تُعطل تكريسه الكامل للرب.

ذكَّرت نُعْمِي الفتاتين، كل منهما، ببيت أُمها، ووضعت أمامهما الزواج، ولمَّا لم تجد منهما استجابة، بل تمسَّكًا بالذهاب معها، استطردت في محاولة إقناعهما. كانت تعلم نقطة الضعف التي في بنات موآب، فأصل موآب كان هو مشيئة امرأة، هي الأُم الأولى لموآب، التي كانت على استعداد لأن تضحي بكل شيء في سبيل أن تكون لرجل، وليكون لها منه بنين (تك19). ونفس هذه الرغبة أظهرتها بنات موآب أيضًا (عد25). ولا شك أن كلمات نُعْمِي كان لها أثرها العميق على عُرْفَة ورَاعُوث. وكم من أولاد الله من الشباب الذين لم يأخذوا مركز الانفصال بسبب الزواج، بل ربما تركوه بعد أن كانوا فيه! وكم من الآباء والأقارب الذين لأجل ذات السبب أعثروا شبابًا مؤمنين وثبَّطوا عزيمتهم عن الانفصال! «مَنْ أَحَبَّ أَباً أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي» ( مت 10: 37 ).

هــ. ل. هايكوب
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net