الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 14 إبريل 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ثمَرُ الرُّوحِ وداعَةٌ
«وَأَمَّا ثمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ ... وَدَاعَةٌ، تعَفُّفٌ» ( غلاطية 5: 22 ، 23)
«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ ... وَدَاعَةٌ» .. عرَّف أحدهم الوداعة بأنها التواضع اللاشعوري. وعُرِّف الوديع بأنه مَن يعطي ردًا لطيفًا على سؤال خشن. كان المسيح هو الوديع الأعظم؛ فأن يظل ثماني عشـرة سنة في دكان نجار القرية، يعمل في صمت، وهو خالق الكون العظيم، هذه هي الوداعة بكل معنى الكلمة. وأن يخدم بأمانة فتُرفَض خدمته، ومع ذلك يقول للآب: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ ..... لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَـرَّةُ أَمَامَكَ» ( مت 11: 25 ، 26)، هذه هي الوداعة. أن يُشتَم - له كل المجد - فلا يَشتِم عِوَضًا، بل يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ ( 1بط 2: 23 )، هذه هي الوداعة.

والوداعة تختلف عن التواضع. وقيل في ذلك: إن المتواضع لا يجرح أحدًا، والوديع لا يُجرَح من أحد. المتواضع لا يُقدِّم دفاعًا، والوديع لا يطلب دفاعًا. الوديع لا يخاصم غيره، والمتواضع لا يُبرِّر نفسه. المتواضع لا يفكر في الذات، والوديع يفسح المجال للآخرين. وللعيشة مع الآخرين في سلام نحتاج إلى كل من الوداعة والتواضع.

ودعنا نتذكَّر أننا لا نولد بهذه الفضيلة. لم يكن موسى بالمولد وديعًا، لكنه صار كذلك بعد تدريب سرِّي طويل مع الرب. لقد استلزم من الفخاري الأعظم أن يعمل في موسى لمدة أربعين سنة في البرية وهو يرعى الغنم، قبل أن يُقال عنه: «أَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا» ( عد 12: 3 ).

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ ... تَعَفُّفٌ» ... والتعفف كلمة تعني السيطرة على الأفكار والأعمال. بعبارة أخرى تعني ضبط النفس. قال الرسول: «كُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ» ( 1كو 9: 25 ). ويشهد الكتاب عن المسيح إنه «لَمْ يُرْضِ نَفْسَهُ» ( رو 15: 3 )، بل أيضًا لم يعمل قط شيئًا لنفسه. وما أحلى تلك الفضيلة، وما أردأ غيابها منا! قال الحكيم: «مَدِينَةٌ مُنْهَدِمَةٌ بِلاَ سُور،ٍ الرَّجُلُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى رُوحِهِ» ( أم 25: 28 ). كما قال أيضًا: «اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ الْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً» ( أم 16: 32 ). كان شمشون جبارًا فعلاً، لكنه كان يفتقر إلى التعفف وضبط النفس. لقد حمَل على ذراعيه أبواب مدينة غزة وصعد بها إلى رأس الجبل. لكنه في الأصحاح الذي حمل فيه بوابات المدينة، خرّ صريعًا أمام غواية دليلة. لقد وقع في الهوى فهوى. أسفي على الجبار نائمًا على ركبتي دليلة، فجاءته حالاً نهايته الأليمة.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net