الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 6 إبريل 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ملءُ الزَّمانِ
«وَلَكِنْ لَمَّا جَـاءَ مِلءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنهُ» ( غلاطية 4: 4 )
”مِلْءُ الزَّمَانِ“ هو الوقت الذي انتهى فيه اختبار الإنسان. لقد اختُبر الإنسان تحت ظروف مُتعدِّدَة. اختُبر في حالة البراءة فسقط وصار مُذنبًا، واختُبر بدون ناموس فكان بلا ناموس، واختُبر تحت الناموس فكسر الناموس. عندئذٍ نفذ الله أسرار قلبه منذ الأزل، وأرسل ابنه إلى هذا المشهد، وأصبح ابن الله إنسانًا، حتى يبارك الإنسان الساقط ويفديه ويُحضِره إلى الله.

إن الإنسان بكل عِلمه واختراعاته لم يجد الله. لقد ضل عن الله في السقوط نتيجة الخطية ولم يجده بعد ذلك، حتى الناموس لم يسد احتياجاته، لأن الناموس لم يكن إعلان الله عن ذاته، بل إعلانًا لحالة الإنسان، وعما هو الإنسان، وليس إعلانًا عمَّـا هو الله «وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، ... تَحْتَ الَّنَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ» ( غل 4: 4 ، 5)

وربما يُقال: أ لم يعرف الإنسان الله في الخليقة؟ والإجابة هي: لقد عرفه إلى حدٍ ما، ولذلك فهو بلا عذر، فإن قدرته ولاهوته يُعرفان بالخليقة ( رو 1: 20 )، ولكن هذا ليس ما هو الله في ذاته. «اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ» ( مز 19: 1 )، ولكن هذا ليس هو الله بكامل صفاته. فإني إذا عرضت عليك يومًا لوحة رائعة، فإنك قد تتأملها بإعجاب وتقول: يا له من فنان رائع هذا الذي أبدَع ورسم هذه اللوحة! يا لها من فكرة! ويا لها من مقدرة فنية هذه التي أنتجت مثل هذه اللوحة! وإذا حدث وأريتك تمثالاً آخر نحته هذا الفنان نفسه وأنتجته نفس اليدان، وتأملت في مقدرة هذا الفنان في استخدام الإزميل في التمثال كما الفرشاة في اللوحة، فإنك لا شك تقول: يا له من رجل بارع! عندئذٍ أقول لك: إنه بارع ولكنه يدمن الخمر، ويقسو على أولاده، ويتركهم يتضوَّرون جوعًا. عندئذٍ تفهم أنه بالرغم من صوره ونحته، فإن صفاته الأدبية أسوأ ما يكون. وهكذا ندرك أننا لا نستطيع أن نفهم الإنسان ونعرفه من أعمال يديه.

هكذا الله لا يمكن أن يُعرَف تمام المعرفة عن طريق خليقته «اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ» ( يو 1: 18 ). ولا يمكن لنا أن نعرف الله إلا في شخص الابن المبارك، الذي يُقدِّمهُ لنا الأصحاح الثاني من إنجيل لوقا كطفل في بيت لحم.

و. ت. ولستون
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net