الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 14 يونيو 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
برزلاي والمكافأة
«بَرْزِلاَّيُ ... هُوَ عَالَ الْمَلِكَ عِندَ إِقَامَتِهِ فِي مَحَنايِمَ لأنهُ كَانَ رَجُلاً عَظِيمًا جدًّا» ( 2صموئيل 19: 32 )
لمَّا كان داود خارج مملكته، كان مركز بَرْزِلاَّيُ وواجبه أن يعترف بالملك المرفوض وأن يخدمه. وإذ استرَّد الملك سلطانه ومكانه فإن دور الملك قد جاء لكي يُكافئ ذلك الشاهد الأمين الذي لازمَهُ في أيام الذُّل والهوان ( 2صم 17: 27 -29). ولم ينسَ داود ما فعله بَرْزِلاَّيُ، مستخدمًا غناه لأجل الملك ورجاله، هكذا أيضًا عندما يأتي الملك العظيم في مجده سيتذكَّـر ”مُباركي أبيه“، وفي يوم المُجازاة سيسمعونه قائلاً: «لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي» ( مت 25: 34 : 35). «فَقَالَ الْمَلِكُ لِبَرْزِلاَّيَ: اعْبُرْ أَنْتَ مَعِي وَأَنَا أَعُولُكَ مَعِي فِي أُورُشَلِيمَ» (ع31، 33). لقد أراد داود أن يكون بَرْزِلاَّي إلى جانبه على طول الطريق، في شركة معه، يُشاهد دوائر مُلكه، ويتبارك برضى مسيح الرب.

وإذ تقع هذه الكلمة «مَعِي» في آذاننا، ألا تُذكِّرنا بلغة مُماثلة من فم ابن داود وهو يُخاطب الآب على مسمَع من تلاميذه قائلاً: «أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي ... لِيَنْظُرُوا مَجْدِي» ( يو 17: 24 ).

بيد أن بَرْزِلاَّي يُثير اعتراضًا إزاء ما عرضه عليه داود، فإنه لم يُقدِّم ما قدمه طمعًا في مُجازاة، مع أنه جدير بها. أما أن يوجد في البلاط الملَكي فذلك أمر لا يناسب شخصًا نظيره، لأن تقدُّمه في الأيام يَحول دون تمتعه بمسرَّات ومباهج بيت الملك (ع34، 35). لمَّا كان داود في البرية محتاجًا إلى خدمة بَرْزِلاَّي، لم يكن ذلك العائق - ضعف قواه بسبب تقدُّم الأيام - ليقف في طريق تقديم تلك الخدمات بنفسه. أما عن الذهاب إلى أورشليم – كنوع من المُجازاة عن خدمته – فذلك ما كان يحس بَرْزِلاَّي أنه ليس كفؤًا له. على النقيض من مألوف البشـر، فإنهم يتعلَّلون بكل أنواع العِلَل لتجنب الخدمة، ويطمَعون كل الطمع في الجزاء! لكن بَرْزِلاَّي لم يكن من هذا الطراز.

وحُفرت ذكريات بَرْزِلاَّي وخدماته في قلب الملك داود، فلم يَنسها. بل وقد كان على سليمان ابنه أن يذكر تلك الخدمات، فإن داود أوصى ابنه سليمان أن يفعل معروفًا ”لِبَنِي بَرْزِلاَّيَ الْجِلْعَادِيِّ“ ( 1مل 2: 7 )، فكان لهم مكانة مرموقة أمام داود وسليمان اللذين يرمزان للرب على كرسيه؛ مكانة القُرب الوثيق حيث كانوا بين الآكلين على مائدة الملك وفي حضرته. نعم، فالأمانة لمسيح الرب في زمان الفشل والضعف لا يمكن أن تُنسى، كما أن تكريسًا نظير هذا لا يمكن أن يكون بلا ثمر وجزاء. والذين كان الرب ملء أفكارهم وعواطفهم، سوف يكونون أمام وجهه حين يأخذ السلطان لنفسه ويملك.

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net