الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 2 يونيو 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
كلمة الله
«وُجدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتهُ ... لَم أَجلِس فِي مَحْفَلِ الْمَازِحِينَ مُبْتهِجًا»(إرميا ١٥: ١٦، ١٧)
لقد عانى إرميا النبي أكثر مما عانى أي نبي آخر من أنبياء الله. فهو بحق مِقدام المتألمين فى كتاب الله، إذا استثنينا الرب يسوع باعتباره رجل الأوجاع والخبير بالأحزان. لقد رُفِضَ إرميا من كل فئات المجتمع، من كل ملوك يهوذا، ومن الكهنة والرؤساء، ومن شعبه الذي كان يُحبه، ومن أهل قريته. وبحكمة إلهية لم يسمح له الرب بالزواج ( إر 16: ١). فمَن هذه التي ترضى أن تعيش مع رجل يرفضه الجميع؟ فيا للحرمان الذي قاساه هذا الرجل العظيم!

أَ رَجُل في هذه البلوى المُحرقة يمكن أن يفرح؟ بالطبع مستحيل، ولكن الغير مستطاع عند الناس مستطاع عند الله. إن إرميا النبي الباكي قد وجد ما يُفرحه ويُبهج نفسه، وهو كلمة الله. لقد شاء الرب أن يُقدِّم لإرميا أعظم تعويض فى مشهد الحرمان المُذيب. لقد كان سفر شريعة الرب مفقودًا، لكن الله أراد أن يكشف شر الأُمة، ويُعوِّض النبي الباكي، فأرشدَ حِلْقِيَّا الكاهن العظيم إلى سفر الشـريعة، الذي وجدَهُ في بيت الرب في أيام يوشيا الملك التقي (٢مل٢٢: ٨)، وقد حوى السفر إنذارات الله بالقضاء إن لم يتوبوا عن ذنوبهم، الأمر الذي أكد صِدق كل ما تكلَّم به إرميا وقتئذٍ، وأيضًا وعود الله المُطمئْنة عن المستقبل، فكانت كلمة الله خير تعويض وعضَد لهذا النبي الباكي في هذا المشهد الدامي، فهتف من القلب قائلاً: «وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي». ثم أعلن أيضًا أن هذه الكلمة تُعطي قوة للانفصال عن الشر فقال: «لَمْ أَجْلِسْ فِي مَحْفَلِ الْمَازِحِينَ مُبْتَهِجًا» ( إر 15: 17 ).

إن الحالة الآن ليست أفضل من أيام إرميا النبي، بل أقول إنها أردأ بكثير. والمؤمن الأمين بحق يقول ما قاله إرميا قديمًا: «يَا لَيْتَ رَأْسِي مَاءٌ، وَعَيْنَيَّ يَنْبُوعُ دُمُوعٍ، فَأَبْكِيَ نَهَارًا وَلَيْلاً قَتْلَى بِنْتِ شَعْبِي» ( إر 9: 1 ). فالعالم حولنا يُثير الحزن والأسى، والمسيحية تشبَّهت بالعالم إلى حد كبير. لكن لنا ما يُعوِّضنا في هذا المشهد الكئيب، وهو كلمة الله التي بين أيدينا. فيا ليتنا نفعل ما فعله إرميا، فنُطعَم عليها، لتملأ قلوبنا بالعزاء والبهجة، فنعيش بقوتها منفصلين عن العالم الحاضر الشـرير، ونحن في انتظار مجيء ربنا يسوع المسيح ليأخذنا إليه، الأمر الذي صار تحقيقه قاب قوسين أو أدني. وإذ يتحقق الرجاء عندئذٍ لا نكون في حاجة إلى الكلمة لأننا سنكون مع صاحب هذه الكلمة إلى أبد الآبدين. فلنستعد!

حكيم حبيب
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net