الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 13 يوليو 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تقديس الروح
«المُختـارِينَ بِمُقْتضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ» ( 1بطرس 1: 1 ، 2)
كلمة ”تقديس“، كما وردَت في الأصل اليوناني، تعني فصل الشـيء وتخصيصه لعملٍ أو لأمرٍ ما. فالروح القدس يقوم بفصل النفس عن هذا العالم، ويجفف ينابيع تعلُّقها بخداعه الزائف، ومن ثم يربطها بالله. وهذا ما يُسمَّى في الكتاب المقدس ”تَقْدِيس الرُّوح“ ( 1بط 1: 2 ).

وتوجد إشارة إلى عمل الروح القدس هذا في داخل النفس في نبوة إشعياء عندما قال النبي: «كُلُّ جَسَدٍ عُشْبٌ، وَكُلُّ جَمَالِهِ (أو مجده) كَزَهرِ الحَقْلِ». ثم يقول: «يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ، لأَنَّ نَفْخَةَ الرَّبِّ هَبَّتْ عَلَيهِ (أو لأن روح الرب هَبَّ عليه)» ( إش 40: 6 ، 7 مع 1بطرس 1: 24). فإن كان كل جسد عُشبًا، ما أتفهه، فإن روح الله يَهُّب عليه مُيبسًا هذا العشب، مُقنعًا القلب بتفاهة الإنسان، فيتحوَّل عن البشـر جميعًا، ويتجه الاتجاه الصحيح، إلى المسيح. وإن كان كل جمال الإنسان أو كل مجده (بلغة الرسول بطرس) كزهر الحقل، فإن روح الله يُذبِّل الزهر، مُحولاً النظر عن مجد الإنسان، إلى الإنسان المُمجَّد عن يمين الله في الأعالي، أي إلى الرب يسوع المسيح وحده.

في لوقا 7 نقرأ عن قصة المرأة الخاطئة. ما الذي جعل هذه المرأة ترفض الخطية وتكرهها؟ ما الذي جعلها تترك الكل، وتتجه إلى مُحب الخطاة، الذي كان مُتكئًا في بيت سمعان الفريسي؟ إنه تقديس الروح الذي عمل في داخلها، فجفف – بالنسبة لها – شهوات العالم من منابعها، وجعلها تعطي ظهرها للخطية، وحوَّل طريقها إلى المسيح.

وما الذي جعل ”زكا“ رئيس العشارين، الواردة قصته في لوقا19، يطلب برغبة مُلحَّة وعزيمة صادقة أن يرى يسوع؟ ما الذي جعله يقول: «مَا لِي أَيْضًا وَلِلأَصْنَامِ؟» ( هو 14: 8 ). ما الذي جعله يحتقر صنم المال، الذي كان مُستعبَدًا له، ويلهَث وراءه بكل قوته؟ هنا أيضًا نجد تقديس الروح الذي أقنع ”زكا“ في الداخل بخواء كل ما تحت الشمس، وأن سعادة الإنسان هي في خالقه وربه، من ثم جذبه الروح القدس إلى الرب يسوع ليجد عنده ضالته، وفعلاً دخل الرب يسوع إلى قلبه، وحضـر الخلاص إلى بيته!

حقًا ما أعظم هذه الخدمة التي يُجريها الآن روح الله في النفوس، والتي لولاها لعاشَت تلك النفوس مُستعبَدة للخطية، ولَمَاتت فيها أيضًا! لقد كانت تلك النفوس فيما سبق جزءًا من هذا العالم المُعادي لله، وكأن روح الله اقتطعها من محجر العالم، لتكون حجرًا حيًا في هيكل الله. ومَن سوى روح الله القدوس، يقدر على عمل كهذا؟

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net