الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 29 سبتمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
اختبرني يا الله
«اختبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتحِني وَاعْرِفْ أَفْكَارِي» ( مزمور 139: 23 )
في افتتاحية مزمور 139 يعترف داود بأن الرب يعرف كل شيء عنه، يعرف جلوسه وقيامه، وأن الرب يفهم فكره من بعيد، ويعرف كل كلمة في لسانه أي قبل أن ينطق بها، ولقد حاصره من خلف ومن قدام. هذه المعرفة الإلهية العجيبة جعلته في بادئ الأمر قلقًا، حتى إنه قال: «عَجِيبَةٌ هَذِهِ المَعْرِفَةُ، فَوْقِي ارتَفَعَتْ، لاَ أَسْتَطِيعُهَا» (ع6). بل يبدو أنه تمنَّى الهروب حتى قال: «أَينَ أَذهَبُ مِن رُوحِكَ؟ وَمِن وَجْهِكَ أَينَ أَهرُبُ؟» (ع7). ولكنه إذ استمر في التأمل في هذه المعرفة وهذه الحكمة الإلهية التي عرفت كل شيء عنه حتى قبل أن يولَد، إذ كان لا يزال جنينًا في بطن أمه هتف قائلاً: «مَا أَكْرَمَ أَفكَارَكَ يَا اللهُ عِندِي! مَا أَكثَرَ جُمْلَتَهَا!» (ع17)، ولذلك بدلاً من أن يتهرَّب ويحاول الاختفاء عن وجه الرب وهو طبعًا أمر مستحيـــل، قال لله: «اخْتبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتحِنِّي وَاعْرِفْ أَفكَارِي. وَانْظُر إِن كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، وَاهدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا» (ع23، 24).

وهذا هو ما يجدُر بكلٍ منَّا أن يعمله يوميًا. أن يقول كل منَّا للرب: «اختَبِرنِي ... امْتَحِنِّي ... انظُر فِيَّ ... اهدِنِي». لشدّ ما يفيد لو أن صلاة كهذه تصدر من كل القلب فتكون جزءًا من صلاتنا في بداءة كل يوم.

ألا يحتاج كل مؤمن يوميًا إلى عمل إلهي به ينال الانتصار الروحي في حياته العملية؟ هناك أمور تبدو لنا صغيرة، بل قد لا نلاحظها حين نفحص أنفسنا، لذلك يجب أن نطلب من الله أن يعملها لنا. كما قال داود: «السَّهَوَاتُ مَن يَشْعُرُ بِهَا؟ مِنَ الخَطَايَا المُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي» ( مز 19: 12 ). من ضمن هذه الأشياء التي قد لا نلاحظها، ولكنها لا تخفى عن عيني ذاك الذي يرى في الظلمة كما في النور، الإعجاب بالذات والافتخار بما نعمله في حقل الخدمة، الغيرة من الآخرين، المُبالغة في الكلام، عدم المُسامحة الكاملة لكل مَن أساء إلينا ”كَمَا سَامَحَنَا اللهُ أَيضًا فِي المَسِيحِ“.

ولكن لا بد أن نقول كلمة تحذير بخصوص هذا الموضوع المهم، وهي أنه هناك فرق كبير بين فحص النفس، والانشغال بالذات. لأن الانشغال بالذات يُسبِّب لنا ضعفًا روحيًا. لذلك حين يكشف لنا الرب أخطاءنا، لنعترف بها ونتحوَّل عنها، ولا ننشغل بها بعد ذلك، بل نتذكَّر أن «دَمُ يَسُوعَ المَسِيحِ ابنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» ( 1يو 1: 7 ).

أنيس بهنام
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net