الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 9 أكتوبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
توبُوا
«توبُوا، لأنهُ قَدِ اقترَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ» ( متى 3: 2 )
تناول إنجيل لوقا بالتفصيل البشارة بميلاد المعمدان ( لو 1: 5 -25)، وولادته وتسميته ( لو 1: 57 -66)، وصباه وانعزاله في البرية ( لو 1: 80 )، وخدمته ( لو 3: 1 -18). أما باقي الأناجيل فتتكلَّم عن خدمته مباشرةً. وهكذا نقرأ في إنجيل متى أولاً باعتباره قد تمَّمَ نبوة إشعياء 40: 3 «صَوتُ صَارِخٍ فِي البرِّية: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي القفرِ سَبيلاً لإِلهِنا» ( مت 3: 3 مع تعديل بسيط في الصياغة). وكان يكرز في البرية؛ كما كان في طعامه وملبسه مُغايرًا لعادات الناس، وكان موضوع كرازته التوبة «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَد اقتَرَبَ ملَكُوتُ السَّماواتِ» ( مت 3: 2 ). وكانت خدمته فريدة في نوعها. فأي كارز غيره اختار البرية (الصحراء) موقعًا جغرافيًا لخدمته؟ لقد ذهب فيلبس المُبشـر فعلاً إلى البرية ليقابل شخصًا مُعيَّنًا (وزير كنداكة ملكة الحبشة) على الطريق المُنحدرة من أُورشليم إلى غزة ( أع 8: 26 ، 35)؛ ولكن قوة الله كانت مع يوحنا المعمدان، حتى إن جموع خرجت إليه، وأقبلوا على معموديته، «مُعتَرفينَ بخطَاياهُم» ( مت 3: 5 ، 6).

وعندما يوجد عمل قوي وأصيل لله، لا يحب الناس أن يكونوا بعيدين عنه، خاصةً إذا كانوا قادة دينيين: ولذلك نجد الفريسيين والصدوقيين يأتون إلى معمودية يوحنا. إلا أنه استقبلهم ببصيرة نبوية فنزع القناع عن وجوههم، ووصَفهم بأنهم مثل الأفاعي (في المكر والدهاء)، وحذرهم أن غضب الله آتٍ عليهم ( مت 3: 7 ). كان يعرف أنهم يُفاخرون بأنهم أبناء إبراهيم، ولذلك سحب البساط من تحت أقدامهم، مُبيِّنًا أن هذا ليس له قيمة عند الله ( مت 3: 9 )، ولا غِنى عن التوبة، ومعموديته أساسها هذا، ولكن لا بد أن تكون التوبة حقيقية، وأن يظهر هذا في ثمار تليق بها. والرسول يعقوب في رسالته يُصـرّ على أن الإيمان، إذا كان حقيقيًا وفعَّالاً (حيًا)، لا بد أن يظهر في أعمال تليق به. ويوحنا المعمدان هنا يدعو لنفس الشيء بالنسبة للتوبة ( لو 3: 8 ).

والآيات في منتصف متى 3، تعطينا لمحة تكشف الخطأ القائم. فابن داود وابن إبراهيم قد تواجد، والملكوت قريب، ولم يَعُد هناك قيمة ولا نفع للانتساب لإبراهيم. فموسى قد أعطاهم الناموس وإيليا دعاهم للعودة إليه بعد أن أهملوه: أما يوحنا المعمدان فقدَّم دعوة حاسمة للتوبة، كان مغزاها: ”على أساس الناموس أنتم ضائعون، وليس من سبيل أمامكم إلَّا انكسار القلب في اتضاع“. ولم تكن الأغلبية العظمى منهم مستعدة أن تفعل ذلك، وهكذا، حكموا على أنفسهم بالهلاك.

ف. ب. هول
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net