تُخبرنا الآية يوحنا 3: 16 أن الله العظيم القدوس قد أحب عالم الخطاة، محبة فائقة عجيبة؛ أحبهم رغم كثرة خطاياهم، وأحبهم حتى بذل ابنه الوحيد على صليب العار واللعنة لأجلهم.
إذا أخبرنا شخص بما يسـرّنا نُصدّقه، فلماذا لا نُصدِّق الله حين يتكلَّم؟ أو هل نتصوَّر - كما يتصوَّر البعض - أن الله الذي خلقنا لا يستطيع أن يُوصل أفكاره إلينا؟ إن هذا الفكر ما أسخفه! هل الذي صنع الفم لا يستطيع أن يتكلَّم؟ لقد تكلَّم، وكلماته تُخبِر عن محبته الفائقة لنا. قد لا نستطيع إدراكها، ولكننا نؤمن بها، ونُصدّق ما كُتبَ عنها «مَن لا يُصَدِّقُ اللهَ فقَد جعلَهُ كاذبًا، لأَنهُ لَم يُؤمن بالشهادةِ التي قد شَهِدَ بها اللهُ عنِ ابنهِ». وما هي هذه الشهادة؟ «هذه هي الشهادةُ: أن اللهَ أَعطَانا حياةً أَبديةً، وهذه الحياةُ هي في ابنهِ» ( 1يو 5: 10 ، 11).
لا توجد طريقة أخرى لمعرفة هذه الحقيقة العظيمة، ولا نستطيع أن نصل إليها بدراسة النجوم، أو بالتعمُّق في أسرار الطبيعة. وفلاسفة العالم لا يستطيعون الوصول إليها. وهل يمكن معرفة الله بالبحث العقلي أو بأية طريقة أخرى، دون أن يُعلِن هو ذاته للإنسان؟ كلا. إن أحكم الناس ما هم إلَّا جهلاء أمام أمور الله، لأن الإنسان لا يعرفها، إلَّا إذا أعلنها الله له. ولكن الله قد أعلنها. لقد أعلن الله محبته، وهذا الإعلان واضح في يوحنا 3: 16. وكلمات هذه الآية، بين كلمات العهد الجديد، تظهر مكسوَّة بمجد فائق. والإنسان الذي أعمى ذهنه إله هذا الدهر يرفض هذا الإعلان. ولكن القلب الذي أيقظَهُ الإيمان يقبلهُ.
إن نفوس الناس ثمينة في عيني الله لدرجة أنه بذل ابنه الوحيد لأجل خلاصها. والرب يسوع قد أظهر محبته للإنسان، وأعلن أنه «يَكونُ فرَحٌ قُدَّامَ ملائكة اللهِ بخاطِئٍ واحدٍ يَتوبُ» ( لو 15: 10 ).
لقد كنا خطاة وأعداء لله في الفكر والأعمال الشـريرة، مُستحقين الغضب. وغضب الله ضد خطايانا معناه هلاكنا إلى الأبد، ومع هذا فقد كنا في عينيه عظيمي القيمة لدرجة أنه لأجلنا قد بذل ابنه الوحيد؛ بذله لأجل البشر العصاة الجاحدين خيره!
إن نهر البركة يفيض للعصاة الأردياء! ليت القارئ العزيز، إن لم يكن قد تمتع بمحبة الله التي أعدَّت له خلاصًا كاملاً في المسيح، يفتح لها قلبه الآن، لبركة نفسه في الحاضر، وفي الأبدية.