الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 28 نوفمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
جدعون وانتصاره
«بالثلاَثِ مِئةِ الرَّجُلِ الذِينَ وَلَغُوا أُخلِّصُكُم وأَدفَعُ المِديَانِيِّينَ لِيَدِكَ» ( قضاة 7: 7 )
إن ضعف الإنسان لا يقف مُعطلاً أمام الرب، لكنه على العكس يجعل الإنسان مؤهلاً لعمل نعمة الله في داخله. وكل إنسان يشعر بضعفه وعجزه وفشله، ويستودع نفسه بين يدي الله الحي، تمتلكه قوة الله، وتستخدمه يد القدير. إن قوة الله لا تجد مجالاً إلا في الضعفاء الذين يضعون أنفسهم بين يدي القدير. وليست مشكلتنا في أننا شديدو الضعف، بل في أننا أقوى ممَّا ينبغي أمام الله.

وقصة انتصار جدعون برجاله الثلاث مئة تُثبت هذا المبدأ. فهو باستجابته لدعوة الله، يُقدِّم مَثَلاً صحيحًا على الشعور بعدم الكفاءة. وهذه كلمات جدعون: «أَسأَلُكَ يا سَيِّدي، بماذَا أُخَلِّصُ إِسرائيلَ؟ ها عشيرتِي هي الذُّلَّى فِي منَسَّى، وأَنَا الأَصغَرُ فِي بَيتِ أَبِي» ( قض 6: 15 ). ولكن، عندما تشجَّع بوعد الله له بالنصـر والآيات المُقنعة، قَبِلَ دعوة الله. إن الرجال الاثنين والثلاثين ألفًا الذين اجتمعوا إليه كانوا حسبما يظهر أضعف من أن يُجابهوا مئة وخمسه وثلاثين ألفًا من المديانيين ( قض 8: 10 )، ولكنهم كانوا في الوقت ذاته كثيرين على الله ( قض 7: 2 )، حتى أجرى جدعون لرجاله فحص شجاعة فأسقَط منهم اثنين وعشـرين ألفًا، وبقي عشـرة آلاف، وحتى هؤلاء كانوا كثيرين على الله (7: 4). وجرَت غربلة هؤلاء بإجازتهم في فحص النزول إلى الماء، فلم يبقَ منهم سوى ثلاث مئة من الرجال المُنضبطين المتعطشين للحرب.

أصبح رجال جدعون الآن جماعة قليلة في مواجهة عدو يفوقها عددًا بنسبة 450 إلى 1، وعوضًا عن أن يأمر بتسليحهم بأقوى الأسلحة، أوصى بأن يستعملوا جرارًا فخارية فارغة ومشاعل وأبواقًا. هل كانت هناك أية خطة عسكرية أسخف من هذه الخطة؟ ومع ذلك ربح مختارو الله المُطيعون معركة ذلك اليوم، وركض أعداؤهم وصرخوا وهربوا (7: 21). وهكذا غطَّت قوة الله العظيمة النقص الهائل في العدد والمعدات. وضعف جماعة جدعون أصبح سلاحها لإحراز النصر. وما هو السبب في تجريد جدعون الضعيف من كل الموارد البشرية؟ الجواب هو: «لِئلاَّ يفتخِرَ عليَّ إِسرائِيلُ قائلاً: يَدي خَلَّصَتنِي» (7: 2)، وهو سبب مُشابه لذاك الذي قاله الرسول بولس: «لكي لا يفتخِرَ كُلُّ ذِي جسَدٍ أَمامَهُ» ( 1كو 1: 29 ).

إن الله يُخرج من الضعف قوة. والقوة البشـرية تُعطل قوة الله، لذلك ينبغي أن نتخلَّص من الاتكال على أي قوة فينا أولاً، ونشعر بضعفنا الحقيقي، وعندئذٍ تمتلكنا قوة الله، وتظهر فينا وتستخدمنا.

أزوالد ساندرز
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net