الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 19 ديسمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
النبي الهارب
«قَامَ وَمَضَى لأجلِ نفسِهِ ... وجَلَسَ تحتَ رَتمَةٍ وطَلَبَ المَوتَ لِنفسِهِ، ( 1ملوك 19: 3 ، 4)
كثيرًا ما تخدعنا تفسيراتنا واستنتاجاتنا؛ فنعيش أسرى خوف كاذب أو قلق زائف. فعندما أرسلت إيزابل رسولاً إلى إيليا برسالة تتوعَّده فيها بالموت، خاف، وقام ومضـى لأجل نفسه، وسار في البرية، حتى أتى وجلس تحت رتمةٍ وطلب الموت لنفسه ( 1مل 19: 1 -4).

لقد شعر إيليا بالخوف والإحباط واليأس، وترك خدمته وشركته، وطلب من الرب أن يأخذ نفسه. وعندما سأله الرب «ما لَكَ هَهُنا يا إِيليَّا؟»، كان الرد: «بَني إِسرائيلَ قد تركُوا عَهدَكَ، ونقضُوا مذابحَكَ، وقتلُوا أَنبياءَكَ بالسَّيفِ، فبقيتُ أَنا وحدِي، وهُم يطلُبونَ نفسـي ليَأخذُوها». وعندما كرَّر الرب السؤال عليه خارج المغارة كانت الإجابة نفس الإجابة (ع10، 14).

ومن هنا نرى أن إيليا عندما فكّر في تهديد إيزابل، وفسّـر أموره بطريقة منطقية بشـرية؛ توصَّل إلى استنتاج مُخيف: أنه ميت لا محالة، ولا أمل في النجاة. ولهذا خاف، وشعر باليأس، وطلب من الرب أن يأخذ نفسه.

ولكن ماذا كان العلاج الإلهي لهذا النبي الخائف الهارب اليائس؟ لقد عالجه الرب بتصحيح مفاهيمه وتعليمه وإرشاده. فقد صحح له الرب ثلاثة أمور، كانت سبب خوفه وإحباطه: أولاً: صحّح الرب له استنتاجه أنه بقيَ وحده. لقد قال له إنك لست وحدك تعبدني، ولكني أَبقيت في إسرائيل سبعة آلافٍ، كل الرُّكب التي لم تَجثُ للبعل وكل فم لم يُقَبِّله. ثانيًا: صحَّح الرب له توقعاته، فالرب يتعامل معنا ليس بالريح العظيمة التي تشق الجبال وتكسـر الصخور، أو الزلزلة أو النار، بل في صوت منخفض خفيف. إن الله موجود وعمله أكيد، ولكن بصورة تختلف عن توقعاتنا البشـرية. ثالثًا: صحَّح له قراراته، فبدلاً من أن يطلب الموت لنفسه، أرسله الرب راجعًا ليمسح حَزَائِيل ويَاهُو، ويمسح أليشع نبيًا عوضًا عنه. إن الرب في علاجه لخوفك ليس يسمعك ويضمك فقط، لكنه يُعلِّمك ويرشدك أيضًا.

لقد أثبتت الأيام صِدق الرب وكذب إيزابل. فإيليا لم يرَ الموت مُطلقًا، لكنه صعد حيًّا في مركبة نارية إلى السماء. وإيزابل لم تستطع أن تقتل إيليا، بل إن إيليا تنبأ عليها بالموت، فماتت ولحست الكلاب دمها. وهكذا فالكثير ممَّا تخاف منه لن يحدث أبدًا، بل قد يحدث عكسه تمامًا! فتعالَ إلى الرب في محضـره، ليُصحِّح استنتاجاتك وتوقعاتك وقراراتك، ليعلِّمك طريقه، وليس طريقك. وأيضًا ليرشدك ماذا تفعل وكيف تتصرف وماذا تختار. ثق أنه يعلِّمك.

مجدي صموئيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net