الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 22 ديسمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المُحرَقة
«أَن أَفعَلَ مَشِيئَتكَ يَا إِلَهِي سُرِرْتُ، وشَرِيعَتكَ في وَسَطِ أَحشَائِي» ( مزمور 40: 8 )
إننا في أغلب الأوقات، عند تأمُّلنا في الصليب، نتكلَّم فقط عن مسألة الخطية التي صار الفصل فيها وحلها حلاً نهائيًا بين العدل الإلهي، وذلك الحَمَل الذي بلا عيب. فلا يخطر على بالنا سوى إثمنا الذي كُفِّر عنه، والشيطان الذي انسحق، وهذه جميعها في حد ذاتها نقط جوهرية تستحق الحمد والشكر من صميم قلوبنا؛ الشكر على تلك المحبة التي ظهرت في الفداء، والصليب أكمَلَ هذه الأمور لنا. لكن هناك تم أكثر من ذلك، فقد ظهرت أيضًا محبة المسيح من نحو الآب بصورة لا يستطيع أن يدركها سوى قلب الآب وفكره، ومَن يستطيع أن يُعبِّر عن قيمة عمل المسيح في نظر الآب؟ هذا هو الوجه الذي تُشير إليه ”المُحرَقة“.

لأنه لو كانت المسألة مسألة تكفير عن الخطية واحتمال قصاصها فقط، لمَا كان هناك داعٍ لقوله «سُرِرْتُ»، لأن ربنا يسوع المسيح - تبارك اسمه – لا يمكن أن يُقال عنه إنه سُر أن يُجعَل «خطية» بحصـر اللفظ. ولا أنه احتمل غضب الله «برضاه»، ورضي أن يحجب الله بصـره عنه بسـرور. لذلك نقول إن المُحرَقة لا تُشير إلى المسيح، وهو على الصليب حاملاً ثقل خطايانا، بل وهو مُتمِّم مشيئة الله هناك. أما كوْن المسيح نفسه كان ينظر إلى الصليب من هذين الوجهين فواضح من أقواله هو. فإنه عندما التفت إلى الصليب ورأى أنه هناك سيكون حاملاً الخطية، وتصوَّر في ذهنه فظاعة هذا المركز وهول المنظر، صرخ قائلاً: «يا أَبَتاهُ، إِن شِئتَ أَن تُجِيزَ عنِّي هذهِ الكأسَ. ولكِن لِتكُن لاَ إِرادَتِي بَل إِرَادَتُكَ» ( لو 22: 42 )، ووَّد أن يستعفي من هذا المركز الذي كان مزمعًا أن يُوجَد فيه كحامل الخطية، لأن قداسة وطهارة نفسه أبَت أن تحتمل مُلامسة الشـر، ومحبة قلبه للآب اشمأزت من مجرَّد تصوُّر احتجاب ضياء طلعة الله عنه لحظة من الزمان.

ولكن الصليب كان له وجه آخر، فقد برهن المسيح به على محبته الكاملة للآب وطاعته، بحيث استطاع أن يشـرب «بسـرور» الكأس التي أعطاه الآب أن يشـربها عن آخرها. صحيح إن حياة ربنا يسوع على الأرض كانت كلها رائحة زكية صاعدة إلى عرش الله الآب لأنه كان يفعل دائمًا رضى أبيه عاملاً مشيئته، غير أن ذبيحة المُحرقة لا تُشير إلى حياته بل إلى موته، وليس كمَن «صارَ لعنَةً لأَجلِنَا» ( غل 3: 13 )، بل سرور قلب الآب «ذبيحَةً للهِ رَائحَةً طَيِّبةً» ( أف 5: 2 ).

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net