الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق ‫الاثنين‬ ‫4‬ ‫فبراير‬ 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
‫رَجُلُ اللَّهِ والقداسة‬
‫«قَد عَلِمتُ أَنهُ رَجُلَ اللَّهِ، مُقَدَّسٌ الذِي يَمُرُّ عَلَينا دَائِمًا»‬‫ ( 2ملوك 4: 9 )
‫ يبدو أن المرأة الشونمية كانت ميسورة الحال، وتتميَّز بكرم الضيافة، فألزمت أليشع النبي أن يأكل شيئًا في بيتها. لكن مع تكرار الضيافة اكتشفت اكتشافًا، ترك أثرًا عميقًا في قلبها. وكانت بصيرتها المُميّزة لِما هو ثمين في نظر الله، أحد الدواعي لوصفها أنها «امرَأَةٌ عَظِيمَةٌ» ( 2مل 4: 8 ). فماذا لاحظت يا ترى؟ هل لفت انتباهها أناقة مظهره أو فصاحة لسانه؟ هل انجذبت له بسبب مواهبه الفذة وصيته الذائع؟ لا شيء من ذلك! إنما برَّرت استعدادها لإكرامه وعمل عُلِّيَّةً له في بيتها، لكونها تأكدت بأدلَّة متنوعة ومواقف عديدة أنه «رَجُلَ اللهِ، مُقَدَّسٌ» (ع9). الشهادة هنا لا ترتبط بأداء خدمته، إنما بشخصه. إن استقامة أليشع كانت بمثابة عمود من البخور العطر تصاعد من شونم. فالطِيب الذي فاح من سيرة هذا الخادم الأمين، أشبع قلب الله أولاً، قبل أن يلفت انتباه هذه المرأة ذات البصيرة الروحية الثاقبة. لم تكتشف ذلك وهي تراه يُعلِّم مرة عن القداسة، أو أظهرها بموقف مُعيَّن، لكن تأكدت أنه كذلك من خلال ملاحظتها لتفاصيل حياته. سلوك أليشع كان يعكس صفات الله الأدبية أمام الناس، إذ كان بالفعل منفصلاً للرب، ولا يشترك في خطايا الآخرين، وكل ما فيه ولديهِ كان مُخصصًا لسَيِّده. إن هذه الملاحظة المباركة أنشأت في قلب الشونمية غيرة مقدسة أن تُخصص حياتها؛ نفسها وكل نفيس عندها، آمالها وكل أموالها، للرب، الذي رأت نموذجًا مُشجعًا للتكريس له، في حياة خادمه التقي.‬

‫ إن القداسة شرط أساسي للخدمة المؤثرة. قبل أن يُوصي الرسول بولس ابنه تيموثاوس أن يضـرم موهبة الله التي فيه، أوصاه أن يُروِّض نفسه للتقوى، ويحفظ نفسه طاهرًا، ويُلاحظ نفسه والتعليم ( 1تي 4: 7 ، 12، 16). وعندما ضرب الفساد في دائرة الاعتراف المسيحي، وصارت الكنيسة بيتًا كبيرًا، فيه أواني للكرامة وأواني للهوان، نصحَهُ أن ينفصل للرب ليكون «إِناءً للكرامَةِ، مُقَدَّسًا، نافِعًا للسَّيِّدِ، ..» ( 2تي 2: 20 ، 21). وقبل أن يحثه لكي يُفصِّل كلمة الحق بالاستقامة، شجَّعه أن يسلك هو أولاً بالاستقامة، مُجتهدًا أن يُقيم نفسه لله «مُزَكىًّ، ..» ( 2تي 2: 15 ).‬

‫ يا رب، ذكِّرنا أن حياتنا كالسفر المطبوع، تقرأه الجموع. وأعنَّا كي نعيش في رضاك، فيرونك فينا مُصوَّرًا، وطِيب كمالك وجمالك يفوح في بيوتنا، وأعمالنا وعلاقاتنا.‬

‫أيمن يوسف ‬
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net