الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق ‫الجمعة‬ ‫3‬ ‫مايو‬ 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
‫سُلَّم بَيتَ إِيل‬
‫«وإِذا سُلَّمٌ مَنصُوبَةٌ علَى الأرضِ ورَأسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ»‬‫ ( تكوين 28: 12 )
‫ إذ ارتحل يعقوب من بيت أبيه، سرعان ما وجد أن الليل قد داهمَهُ في ذلك المكان الموحش المُقفر. ولم يجد أمامه سوى أن يضطجع على تلك الأرض القاسية، ويتوسَّد أحجارها. وإذ هو نائم رأى حُلمًا، وإذ سُلَّمٌ ارتكزت قاعدته على المكان الذي كان مضطجعًا فيه، واتصلت رأسه بالسماء، وعلى هذا السلم صعدت ونزلت الملائكة الذين اكتظ بهم ذلك المكان، والذين وجهوا كل عنايتهم لذلك النائم أسفل السلم. لم يكن هذا هو كل الأمر، فمن أعلى السلم سمع يعقوب صوت الله كنغمات الموسيقى. ‬

‫ ربما كان يسود يعقوب في ذلك الوقت شعور بحقارته وخطيته، كما كان يحزنه شعوره بتغرُّبه عن وطنه، ولذلك فقد كان مُبهجًا جدًا لنفسه أن يعلَم بأن هنالك صِلة بينه وبين الله. ليس الأرض كوكبًا هائمًا على وجهه، بل هي متصلة بالسماء، لا بالسلاسل الحديدية التي تربط السفينة بمرساها، ولا بالربط الحريرية لقانون الجاذبية التي تربط الكواكب، بل بِسُلَّم، وهذا يتضمن الصِلة والشـركة والعبور من أحد الطرفين إلى الآخر. ‬

‫ والسُلَّم هو الرب يسوع المسيح نفسه ( يو 1: 51 )، فإنه قد أخذ طبيعتنا البشـرية، وفي تلك الطبيعة صعد من جبل الزيتون إلى عرش الله ( أف 1: 21 )، وإذ فعل هذا ترك طريقًا من النور خلفه، وصار هو الطريق الذي به نستطيع أن نصل إلى «العَليُّ المُرتَفعُ سَاكنُ الأَبَدِ القدُّوسُ اسمُهُ» ( إش 57: 15 )، ولن يوجد طريق آخر غير هذا الطريق «ليسَ أَحَدٌ يَأتي إِلَى الآب إِلاَّ بي» ( يو 14: 6 )، وما الإغفال عنه إلا الإغفال عن الواسطة الوحيدة التي بها يستطيع الخاطئ أن يأتي إلى الحياة، وإلى نور الله ومحبته. على أن أضعف إنسان وأشر خاطئ يستطيع أن يصعد بيسوع من قرار هاوية جهنم إلى عرش الله الأبدي. عندما تتلبَّد السماء بالغيوم لا نستطيع أن نبصـر خيوط العنكبوت التي تكون قد امتدت كسُلَّم من شجرة إلى أخرى، ولكن عندما تُضـيء الشمس بنورها الوهَّاج فحينئذ تنكشف أمامنا تلك الخيوط. وهكذا أيضًا عندما يرفع المُرتاب نظره إلى فوق لا يستطيع أن يرى رابطة أو وصلة بين كوكبنا الأرضي هذا وبين مركز الكون كله، حتى تنفتح عيناه فيرى السُلَّم الذي تخلَّف وراء المُخلِّص عند صعوده إلى السماء. إننا لم نُترَك كريشة في مهَّب الريح. فإن هذه السفينة السوداء موثقة كل الطريق بتلك السفينة المضيئة الوهاجة – سفينة النعمة السماوية – نعم وهناك لوح خشبي مُوصل بين السفينتين.‬

‫ ف. ب. ماير‬
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net