الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق ‫الأحد‬ ‫5‬ ‫مايو‬ 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
‫قلوب مُتباينة‬
‫«لِمَاذا هَذا الإِتلاَفُ؟ ... لِمَاذا تزعِجُونَ الـمَرأَةَ؟»‬‫ ( متى 26: 8 ، 10)
‫ هذه الكلمات غير المسؤولة، الناتجة عن التقدير الجسدي من جانب التلاميذ الذين سايَروا يهوذا السارق الخائن، عندما اعتبروا الفقراء أهم من المسيح، كم أنشأت من الجراح في قلب مريم، وبالأكثر في قلب الرب يسوع، فحتى تلاميذه مزجوا إكرامه بما يُنغِص، وجعلوا في طعامه علقمًا! لكن الرب في ع11 أعاد بكل وداعة تقييم الأولويات. ‬

‫ كان هناك فارق كبير مثل قطبي المغناطيس، بين قلب مريم وقلب يهوذا. كانت مريم مشغولة بما تُقدِّمهُ للرب، وأما يهوذا فكان مشغولاً بما يأخذ من الرب. لكن دعنا لا ننسـى أن ما قدَّمته مريم، مهما كان غاليًا فإنه لا يمكن أبدًا مقارنته بما كان الرب مزمعًا أن يُقدِّمه لها، ولنا: ففي بقية أصحاحنا سنقرأ قول المسيح: «هوَ دَمي الذي للعَهدِ الجَديدِ الذي يُسفَكُ مِن أَجل كثيرِينَ» ( مت 26: 28 ). وما أبعد المسافة بين سكب الطيب وسفك الدم!‬

‫ لنتحوَّل الآن إلى التلاميذ. طبعًا لم يكن التلاميذ مُشاركين يهوذا في شره، لكنهم أيضًا بالأسف لم يكونوا مُشاركين مريم في تقديرها الواعي والفَطِن لشخص المسيح وعمله. وكم هو مؤسف لكنه مُتكرِّر، أن مجموعة من أفاضل الرجال ممكن أن ينساقوا وراء شخص واحد شرير! والرسول بولس قسَّم البشر جميعًا في 1كورنثوس2: 14، 15؛ 3: 1 إلى ثلاث فئات: وفي ضوء هذا يمكننا القول إن تصرف مريم كان تصرفًا روحيًا، وتصرُّف التلاميذ كان جسديًا، وأما تصرف يهوذا فكان تصرف إنسان طبيعي شرير، لا علاقة حقيقية له بالمسيح. ‬

‫ ولكي يُغطي يهوذا على الشر النابع من قلبه، فقد حاول أن يتمسَّح بموضوع الاهتمام بالفقراء، وأن يظهَر بمظهر الإخلاص والأمانة والتدقيق. ومع أن الكتاب المقدس يُخبرنا بأهمية عمل الخير للفقراء، لكنه حذرنا من أن الذين ليس عندهم محبة للمسيح، ولو أطعَموا كل أموالهم للفقراء، فإنهم في موازين الله ليسوا شيئًا ( 1كو 13: 3 ). ويقينًا كان يهوذا ليس فقط لا شيء، بل أقل من ذلك بكثير.‬

‫ ويؤسفنا أن التلاميذ هنا فكَّروا في الفقراء، وفكَّر يهوذا في نفسه، وما أحد – بخلاف مريم – ذكر ذلك الرَجُل المسكين ( جا 9: 15 )! لقد فاتَ التلاميذ أن يُقدِّموا له لفتَة رقيقة تُنعش نفسه الحساسة المتألمة، فلمَّا قدَّمت امرأة كل ما عندها ترضية لقلبه المجروح في داخله، اعترضوا واستنكروا. تُرى ماذا نحن فاعلون اليوم بمَن أحبنا ومات حُبًا بنا؟‬

‫ يوسف رياض‬
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net