الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 15 سبتمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الفصح وعشاء الرب
«أَينَ ترِيدُ أَن نعِدَّ لَكَ لِتأكُلَ الفِصحَ؟» ( متى 26: 17 )
بعض المسيحيين يُسمُّون هذا الاحتفال المذكور هنا: العشاء الأخير، لكن الأفضل تسميته بالعشاء الأول، فهو كان آخر عشاء فصح يهودي، وأعقبَهُ أول عشاء رباني مسيحي. والفصح هو أول الأعياد اليهودية وأهمها، وكان يَرمز إلى موت المسيح باعتباره الفصح الحقيقي. وكان لهذا الفصح أهمية خاصة عند المسيح، ولذلك فقد اهتم المسيح ليس فقط بحفظه، بل بحفظه مع تلاميذه. من الجانب الآخر فإن العشاء الرباني وليمة مسيحية تُذَكِّرنا بموت الحبيب لأجلنا. عشاء الفصح يرمز لذبيحة المسيح، وعشاء الرب يُذكِّرنا بها. لقد انتهى هنا ذكرى الخلاص الرمزي، ليبدأ ذِكر المُخلِّص الحقيقي. والنور والفرح اللذان لهذا العشاء ما زالا من نصيبنا حتى اليوم، وسيظلا إلى مجيء الرب.

والمعنى الروحي للفصح هو كيف يمكن لإله قدوس أن يتعامل بالنعمة مع شعب خاطئ ليباركه؟ وبكلمات أخرى: إذا سامح الله الإنسان الخاطئ، فأين عدله؟ وإذا دَان الخاطئ فأين محبته؟ لكن الصليب، الذي كان الفصح مجرَّد رمز له، يُعطينا الإجابة الإلهية عن تلك الأُحجية.

لقد ميَّزت الكرامة الملَكية كل مسيرة الرب، وها هو الآن يتجه نحو أكثر الفترات ظلامًا في رحلته، ولكن ما زالت الكرامة، مقترنة بجمال الوداعة، تُمَيِّز مساره. والمسيح الذي كان سيُقَدَّم كالفصح الحقيقي، حَمَل الله، استخدم معرفته الإلهية الكاملة وسلطانه كالسيد، ليُوْجِد المكان الذي سيأخذ فيه مع تلاميذه عشاءه الأخير. لقد قال لصاحب الموضع، وهو عالم بدنو اللحظة: «إِن وقتي قَرِيبٌ» (ع18). ويا لها من أفكار تتزاحم في هذا القلب البشـري القادر على سبر الأحداث التالية بصورة إلهية: الخيانة، التسليم، إنكار بطرس، كراهية الشعب المحبوب الذي أراد أن يجمعه ويباركه، وأخيرًا الصلب والعار والموت، وأشياء أخرى كثيرة مؤلمة! لكن يا لها أيضًا من محبة في هذا القلب الكامل، محبة إلهية سَمَت فوق هذه الآلام كلها حتى يُمَجِّد الله، ويعمل الفداء للخطاة، والصُلح والسلام للهالكين.

ومن المهم ملاحظة أن يهوذا لم يشترك في العشاء الرباني، حيث يقول البشير يوحنا، إن الرب غمس اللقمة وأعطاها ليهوذا «فذَاكَ لمَّا أَخذَ اللُّقمَةَ خرجَ للوَقتِ» ( يو 13: 27 ، 30). وبعد أن صفا الجو بخروج ذلك الخائن، فإن الرب قام برسم تلك الممارسة الحُبيَّة، التي قصد منها أن نذكره عن طريقها طوال فترة غيابه، وإلى أن يجيء.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net