الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 21 سبتمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المذبح
«فَبَنى هُناكَ مَذبَحًا لِلرَّبِّ الذِي ظَهَرَ لَهُ ... وَنصَبَ خيمَتهُ» ( تكوين 12: 7 ، 8)
أينما كان إبراهيم ينصب خيمته، كان يبني هناك مذبحًا. كذلك نرى أن الآباء المتغربين قد أقاموا مذابح عبادتهم، حتى قبل أن يبنوا بيوتهم. وعندما كان إبراهيم يحلُّ خيمته، كان يترك المذبح مكانه، شاهدًا عن أين كان يمكث رجل الله.

إنه لدليل قوي على غيرتنا الروحية لو أننا أقمنا مذبحًا في كل بيت نقضـي فيه ليلة، وفي كل منطقة يتصادف أن نعيش فيها، وفي كل جماعة نعيش بينها، لنُقدِّم للآخرين مثالاً للصلاة الانفرادية، والصلاة العائلية، مما يُحفز الأجيال التالية على السجود والركوع هم أيضًا، والدعوة باسم الرب.

دعونا نتذكَّر أيضًا أن المذبح يحمل أيضًا معنى الذبيحة، التضحية، إنكار الذات، التسليم الكامل. بهذا المعنى لا بد للمذبح والخيمة أن يمشيا جنبًا إلى جنب دائمًا. فنحن لا نستطيع أن نعيش حياة الغربة والانفصال، حياة الخيمة، دون تحمُّل بعض من المتاعب والآلام، مثل تلك التي يدُّل عليها المذبح. لكن مِن مثل هذه الحياة سينبع أقوى تكريس، وأعمق شركة، وأسعد تواصل.

لو كانت صلاتك الشخصية قد أُعيقت مؤخرًا، ربما يكون هذا لأنك لم تكن تعيش بما يكفي في الخيمة. فحياة الانفصال في الخيمة من المؤكد أن تُنتج مذبح إنكار الذات والشركة السماوية. اعترف بأنك إنما هنا غريب ونزيل على الأرض، وعندئذٍ تجده أمرًا طبيعيًا، بل أمرًا مُبهجًا، أن تدعو باسم الرب. إننا لا نقرأ أن إبراهيم بنى مذبحًا عندما كان يعيش في حاران، لأنه لم يكن ممكنًا أن تكون هنالك شركة بينه وبين إلهه طالما كان يعيش حياة العصيان وعدم الطاعة. ولكن من قلب حياة التغرُّب الحقيقية تنبع اشتياقات ورغبات وتطلعات، لا يمكن إشباعها إلا بالمذابح التي لاَزمَته في ارتحاله من مكان لآخر.

ولكن مذبح إبراهيم لم يكن له وحده. ففي أوقات مُعيَّنَة كانت العشيرة كلها تجتمع هناك للعبادة المشتركة. كانت الجماعة مؤلفة من عناصر مختلفة؛ فكان فيها العبد المُشترى من مصـر أو من أور، كما كان فيها وليد البيت، وكان فيها الآباء مع الأبناء، وكان فيها الكبير مع الصغير. هؤلاء جميعًا كانوا يقفون حول المذبح بخوف ورعدة، إذ كان يُقدِّم إبراهيم عنهم الذبيحة والعبادة؟ لقد قال الله عن إبراهيم: «لأَنِّي عرَفتهُ لِكي يُوصيَ بَنيهِ وبَيتهُ مِن بَعدهِ أَن يَحفظُوا طَرِيق الرَّبِّ، لِيَعمَلُوا برًّا وعَدلاً» ( تك 18: 19 ). وهو بذلك يُقدِّم مثالاً حيًا للكثيرين من المسيحيين الذين تهدَّمت في بيوتهم مذابح العبادة.

ف. ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net