هذه الحادثة تُوَضِّح لنا حقًا ثمينًا نعتز به، أعني به مبدأ البدلية. فلقد أُلقي القبض على بَارَابَاس اللص القاتل، وأُودع السجن منتظرًا أن ينال بعدل جزاء ما فعل. وماذا كان سينال سوى الصلب كزميليه اللذين صلبا إلى جوار المسيح في الجلجثة؟ فربما كان بَارَابَاسُ هذا زعيمًا للمجموعة. وبينما كان بَارَابَاسُ في انتظار جلاديه ليقتادوه للصلب، إذا برسول من السلطات يُسْرِع إليه ليعلن له النبأ العجيب: لقد تقرر إطلاق سراحك، وأُنْقِذَت حياتك. ثم يسير به خارج مدينة أورشليم، ومن بعيد يشير إلى الصلبان الثلاثة، ويقول لبَارَابَاس: كان الصليب الأوسط هو المكان المعيَّن لك، لكن شخصًا آخر تعلَّق عليه، ويمكنك الآن أن تمضي حرًا. ولم يكن هذا الذي صُلب على الصليب الأوسط مجرمًا ولا قاتلاً، بل هو ابن الله الوحيد، وحمل الله الكريم!
وبَارَابَاسُ في هذا يُعطينا تصويرًا لكل خاطئ يستحق الموت، ومع ذلك يُطلق حرًا، وليس ذلك إلا لأن البريء قد مات مكانه. وأما الرسول الذي أخبر بَارَابَاس بهذا النبأ السار فهو يُمَثِّل خدام الإنجيل الذين ينقلون بشارة الإنجيل المفرحة إلى الخطاة المذنبين.
وهكذا يمكن للمساكين بالروح، وللمنسحقين من حالتهم أمام الله، أن ينعموا بوافر الرحمة الإلهية. فهناك مبادلة عجيبة تمت في صليب الجلجثة. لقد أخذ البار مكاننا ليعطينا مكانه «فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ» ( 1بط 3: 18 ). لكن ما حدث لبَارَابَاس كان نجاة من موت زمني وجسدي، وأما ما يقدمه الإنجيل لنا بالنعمة فهو أعظم بما لا يُقاس، إنه نجاة من موت أبدي وعذاب بلا نهاية «كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا» ( إش 53: 6 ).