الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 21 أكتوبر 2020 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أينَ أنت؟
«أَيْنَ أَنْتَ؟ ... هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ؟» ( تكوين 3: 9 ، 11)
لكل من السؤالين اللذين وجههما الله لآدم ما يتميز به من صفة وترتيب؛ فالسؤال الأول «أَيْنَ أَنْتَ؟»، هو استدعاء آدم ليزن حالته التي وصل إليها في موازين الله المضبوطة، وهو سؤال يتناول نتيجة الخطية أكثر مما يتناول الخطية ذاتها. أما السؤال الثاني فمنصب على الخطية ذاتها «هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ؟»، هو استدراج نفسه المثقلة بالشعور بالذنب، لطرح هذا الثقل والارتياح منه بالاعتراف.

وحيثما قلبنا الكتاب المقدس نجد هذين التوجهين للإنسان. فعلى نمط السؤال الأول الكاشف للحالة ما يأتي: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ» ( يو 7: 37 )، «مَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ» ( رؤ 22: 17 )، «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» ( مت 11: 28 ). وإذ تكشف مثل هذه الكلمات حقيقة حالة النفس، ويستيقظ الضمير تحت ثقل الشعور بالذنب، ويصبح القلب في مرارة وعدم راحة، حينئذ يُقدِّم الله الدعوة للإنسان، ليجد لنفسه راحة في مراحم الله، فيسمع عن المسيح حتى من فم أعدائه أنه «يَقْبَلُ خُطَاةً» ( لو 15: 2 )، وأنه «مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ» ( لو 7: 34 )، ويسمعه هو نفسه يقول: «لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ» ( مت 9: 13 ). «لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» ( لو 19: 10 ). فكأن الله بالسؤال الأول «بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ»، وبالسؤال الثاني «فِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا» ( إش 40: 11 ). وكأن السؤالين هما ذراعا الله تطوقان عنق الإنسان بالإعزاز والحب ( لو 15: 20 إش 48: 17 )، وهكذا نجد الله راضيًا بسرور أن يجتذب الإنسان إليه «أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ مُعَلِّمُكَ لِتَنْتَفِعَ، وَأُمَشِّيكَ فِي طَرِيقٍ تَسْلُكُ فِيهِ» (إش48: 17). يا لها من شهادة ثمينة لمحبة الله التي تجد كل بواعثها ودوافعها في نفسها، وليس في غيرها! شهادة تدل على أن الله نفسه محبة.

فرِد ورست
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net