الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 27 يونيو 2021 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المتألم الفريد
«وَحِينَ تَمَّتِ الأَيَّامُ لارْتِفَاعِهِ ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ» ( لوقا 9: 51 )
في طريق الجلجثة ظن البشر أن المسيح المتألم صار في مهب الأحداث، بينما في واقع الأمر، في كل مشهد من مشاهد آلامه الرهيبة كان هو سيد اللحظة والموقف، لم يرتبك أبدًا ولا خشي أحدًا. بالرغم من سيره في طريق يعلم كل أشواكه، لكن لم يُفارق السلام قلبه لحظة واحدة. ومع أنه كان كشاة تساق إلى الذبح، لكن كان حينها يسوق الأحداث، مُتمِّمًا مشورات الأزل باتقان مدهش، ودقة منقطعة النظير. وفي عمق آلامه سمت أمجاده، حتى أثناء المحاكمات الظالمة، كان - له المجد - رائعًا في صمته، وكان صائبًا وهو يجيب. مع أن قلبه الرقيق كان مجروحًا وذائبًا كالشمع، لكن كانت إرادته ثابتة كالصخر.

وكما تفوح رائحة البخور العطر عندما يُوقد بالنار، هكذا تلألأت كمالاته وسجاياه الأدبية السامية، في كل مشهد من مشاهد آلامه الرهيبة. مثلاً، في البستان لم يكن مشغولاً بنفسه، بل شفوقًا على الآخرين. عندما جاء الذين يريدون أن يقبضوا عليه في البستان قال لهم عن تلاميذه: «فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فدعوا هؤلاء يَذْهَبُونَ». كما مد يد اللطف والإحسان لعبد رئيس الكهنة، فشفى أذنه. وفوق الصليب طلب الغفران لأجل صالبيه، وبقلبه العطوف الحنون كان مشغولًا بمريم أمه، فاستودعها لحبيبه يوحنا. وبقلبه العافي الكبير قَبِلَ توبة اللص الذي طلب ذلك منه.

كلما ارتسم مخلصنا الكريم أمام قلوبنا وهو يتألم طائعًا ويهان صامتًا، يحتمل الظلم وديعًا صابرًا صامدًا، كلما سمت سجاياه الكريمة، وبدا في عظمته جليلاً متفردًا. أمام هذا المجد الفائق لسيدنا ماذَا نقول! قلوبنا في صدورنا تجثو أمامه، والكل بهتاف يشدو له: مستحق وحدك ان تأخذ المجد والإكرام، الحب والإجلال، الحمد والسجود، الآن وإلى أبد الآبدين.

أيمن يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net