توجد أفراح متنوعة على الأرض، ولكن ليس بينها واحد مُشبع ودائم. أما فرح الرب، والفرح في الرب، فشيء يختلف عن هذا كل الاختلاف. إنه يُشبع القلب، كما أنه فرح دائم، ذلك لأن الشخص المُبارك الذي هو فرحنا، والذي به نفتخر، إنما هو رب المجد الأبدي.
ولكن كيف نعرف مثل هذا الفرح الذي لا يُنطق به؛ الفرح الذي يفوق كل فرح آخر، الفرح الذي يُشبع، الفرح الذي هو قوتنا الحقيقية، لأنه مكتوب: «لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُمْ» ( نح 8: 10 )؟ كثيرون من المؤمنين الحقيقيين لا يتمتعون كما يجب بهذا الفرح الذي لا يُنطَق به ومجيد كاختبارهم اليومي. وما أكثر أولاد الله الذين يعوزهم هذا الفرح الحقيقي الذي يُساعد على قهر الصعوبات والصبر في الآلام، ويحفظ المؤمن هادئًا بينما كل شيء حوله يسير سيرًا خاطئًا.
إن الابتهاج بفرح لا يُنطَق به ومجيد هو نتيجة للإيمان بالرب، وجعله أمام القلب على الدوام. يجب أن يكون الرب غرض حياتنا الوحيد العظيم. يجب أن تكون أسعد أوقاتنا هي التي فيها نرى وجهه، ونكون في شركة معه. يجب أن تكون رغبتنا الحارة المتزايدة هي وجودنا في شركة مقدسة معه بصورة أعمق. وكنتيجة لشركة كهذه لا بد وأن يزداد تكريسنا وخضوعنا وطاعتنا له. هذا هو الطريق الذي يزيد من ابتهاجنا بفرح لا يُنطَق به ومجيد. وكل هذا يتوقف على النمو في النعمة وفي معرفة الرب يسوع المسيح. وهذا النمو لا يمكن أن يحصل إلا إذا كنا باستمرار نستعمل كلمة الله, إننا في الكلمة، نجد رب المجد ومجد الرب، وبواسطة كلمة الله وخدمة الروح القدس، نتمتع بالرب أكثر، ويُصبح أمام قلوبنا كمَن هو كله مشتهيات، عندئذٍ ونحن نُدرك «مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ»، ونعرف «مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ» ( أف 3: 18 ، 19)، يملأنا الله بسلامه وفرحه.