ترى ماذا كانت كلمات موسى الأخيرة؟ إنه لم يتكلَّم عن حياته في قصر فرعون، ولا عن مواجهاته الجريئة مع فرعون نفسه، ولم يتكلَّم عن قيادته الماهرة لشعب عنيد، لمدة أربعين سنة، في صحراء مخيفة، فيها الجوع والعطش والأعداء والحيّات المُحرقة، بل افتتح كلماته الأخيرة بهذا الإعلان الصريح: «ليْسَ مِثْل اللهِ». وكل مؤمن عاش حياة الشركة مع الله، لا بد أن يقول أيضًا: «ليْسَ مِثْل اللهِ».
«ليْسَ مِثْل اللهِ يَا يَشُورُونُ»؛ “يَشُورُونُ” اسم إعزاز لشعب الرب قديمًا. وإذا راجعنا المناسبات التي ذُكر فيها اسم يشورون، نتعلم حقيقتين: من الناحية الواحدة، إنه شعب متمرد «فَسَمِنَ يَشُورُونَ وَرَفَسَ ... فَرَفَضَ الإِلهَ الذِي عَمِلهُ، وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلاصِهِ» ( تث 32: 15 ). ولكن من الناحية الأخرى، نرى أمانة الله وسبب إحسانه ليَشُورُون، إذ يقول الرب: «لاَ تَخَفْ ... يَا يَشُورُونُ الَّذِي اخْتَرْتُهُ» ( إش 44: 2 )، فكم بالأولى نقول نحن: «ليْسَ مِثْل اللهِ» الذي اختارنا في المسيح قبل تأسيس العالم ( أف 1: 4 ).