الأحقاء في الإنسان هي التعبير عن مشاعره وميوله الداخلية وعواطفه، وهذه يجب أن تُضبط بتطبيق الحق الإلهي عليها.
وفي ميدان الحرب الذي نتصارع فيه، لا يوجد مكان للتقهقر، كما أن الهزيمة لها عواقب وخيمة في حياتنا. لذلك فإنه لأمر هام جدًا ألا ترتخي ـــــ لحظة واحدة ـــــ المناطِق التي تشد أحقاءنا، فإن تلك اللحظة كافية لجعل القلب يقع في الشَرَك الذي أعده إبليس، مما يقودنا إلى بعض الأفعال التي لا تُمحى آثارها من الدموع المريرة.
لننظر إلى داود مثلاً. في الوقت الذي كان يجب أن يكون مُمَنْطَق الأحقاء كرجل حرب في ميدان المعركة، في ذلك اليوم الذي خرج فيه قواده إلى الحرب، نراه يُقيم في أورشليم. لقد كانا حقواه في ذلك اليوم الأخير غير مُمنطَّقين، ولذلك أصبح فريسة سهلة للعدو المتيقظ، الذي لم يكف عن مراقبته، لينتهز مثل هذه الفرصة السانحة. وأي سقطة مريرة نتجت عن هذا التساهل! وكم من السنين المُحزنة تبعت ذلك، بل كم من النتائج المؤلمة التي لم تستطع التوبة أن تمحو آثارها من بيت داود.
ثم لننظر إلى بطرس في بستان جثسيماني. لم يكن لديه في تلك الليلة أي شعور بضعفه وحاجته الكاملة إلى قوة الرب في مواجهة الشيطان. ولم تكن لديه أيضًا فكرة عن قوة الشيطان. لقد كان نائمًا، وحقواه غير مُمنطَّقة، في الوقت الذي كان يجب أن يكون ساهرًا ومُصليًا. كما أنه أراد أن يُقاوم بالسيف، في الوقت الذي كان ربه وسَيِّده يُسلّم نفسه كشاة تُساق إلى الذبح. لقد كان الرب تبارك اسمه يُصلي، بينما كان بطرس نائمًا، وكان خاضعًا مُسلّمًا لمن يقضي بعدل، بينما كان بطرس يُقاتل. ويا له من قتال مُحزن، حينما يتقاتل الجسد مع الجسد، وبواسطة أسلحة الإنسان الجسدية! نتيجة لذلك، نرى بطرس المعتد بذاته يتبع المسيح “من بعيد”، ثم يُنكره بأقسام، ثم الدموع المريرة!