الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 30 أغسطس 2022 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
وماتَ يوسُف
«وَمَاتَ يُوسُفُ ... وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَأَثْمَرُوا وَتَوَالَدُوا وَنَمَوْا وَكَثُرُوا» ( خروج 1: 6 ، 7)
لم يُوضع جثمان يُوسُف في قبر، بل ظل في مكان ما تحت ناظري بني إسرائيل، وأي عابر سبيل كان سيتوقف لبرهة ويفكر ويعتبر: هذا مآل كل مجد وجلال أرضيين. فالرجل الثاني بعد فرعون، ذو العقل الجبار، والقلب الرقيق، فخر إسرائيل ومُخلّصه، ها هو مُغلق عليه داخل تابوت! وليس ثمة سلاح يدفع الموت بعيدًا، فيد الموت الباردة تطول حتى الملوك.

كان هذا التابوت الصامت، يؤكد لكل مَن ينظره، الدرس القديم، الذي يمتد عبر كل الأجيال، عن حقيقة الموت الصارمة والحزينة. ولكن ثمة حق مُشرق أكثر أهمية ولمعانًا من درس الموت. فتلك الشفاه المتصلبة الشاحبة، التي تضطجع في تابوت، تركت في نطقها الأخير: «أَنَا أَمُوتُ، وَلكِنَّ اللهَ (حتمًا) سَيَفْتَقِدُكُمْ» ( تك 50: 24 ). لا يوجد انسان دائمٌ. ولكن إسرائيل يمكن أن يظل باقيًا حيًا، رغم فقدانه للرجل الأقوى والأحكم؛ يوسف. فالله موجود وحي، وإن مات مئة واحد كيوسف. وفي الواقع، إنه ربح صريح أن نفقد السند البشري والعائل المنظور، إذا كان ذلك يؤول إلى وعي أعمق بحاجتنا إلى ذراع الرب وقلبه، وإلى إدراك حقيقي بكفاية الله الكلية الدائمة لنا. مبارك هو زوال كل عابر، إذا كان زواله سيدع نور الأبدية الصافي الدائم، يشرق علينا.

إن الرسالة التي يُرسلها كل فراش لمريض يحتضر، ويُعلنها كل قبر، معناها: “هذا الإنسان يموت، وذاك أيضًا يموت، ولكن الله باقٍ لا يموت، بل حيٌّ إلى الأبد”. وبخصوص تفكيرنا في الموت، الذي قد ينال من أعزائنا الذين نحتاجهم أيما احتياج، والذي قد يصل إلينا نحن أيضًا بذراعه الطويلة وشبكته المنسوجة بدقة متناهية. فالخلاصة، هي أن إدراكنا لحقيقة الموت، يجب أن يقودنا الى حضن الله، حيث نجد صديقًا مُحبًا لا يزول ولا يموت، هناك نسكن في “أرض الأحياء”، حيث لا تجسر قدما الموت أن تخطو.

ألكسندر ماكلارين
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net