الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 7 ديسمبر 2023 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
امرَأَة لُوط
"اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ! " ( لوقا 17: 32 )
كان في إحدى الكنائس مؤمن تقي فاضل، مشهود له من الجميع بالشركة مع الله وحياة التكريس. لكنه ذات مرة رأوه ساقطًا مخمورًا في الطريق، فتعجبوا قائلين: كيف يصل ذلك الرَجُل لهذه الحالة؟ وبعد فترة عرفوا شيئًا عجيبًا، أن الرَجُل وهو في طريقه إلى الكنيسة، تعوَّد أن يربط جواده على مقربة من الحانة القديمة التي كان يشرب فيها الخمر قبل أن يتغيَّر حاله وتُصلَح حياته. فكان المكان القريب من الماضي الأثيم مصيَدته الرهيبة ومصيره البائس.

إن النظر إلى الخلف، والحنين إلى الماضي، هما من أقسى التجارب المُرَّة وأشدها تدميرًا على الإنسان. أخرَج الملاكان لُوط وامرأته من سدوم وعمورة، لكنهما لم يستطيعا أن يُخرِجا سدوم وعمورة من قلب المرأة. ومن الجائز جدًا أنها تساءلت في داخلها: "أ لم نكن مُتعجّلين في خروجنا من سدوم؟ وهل هلاكها شيء أكيد؟" وبين التساؤل والتشكيك في التحذير، وبين الحنين إلى الماضي القديم، تطلَّعت إلى الوراء "فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ" ( تك 19: 26 )!

لم تكن امرأة لُوط من أهل سدوم وعمورة، لكنها - على الأرجح - جاءت مع القافلة التي خرجت من أُور الكلدانيين. عاصرَت إبراهيم وسارة، ورأت الخيمة والمذبح، وسمعت عن الدعوة والمجد، ورغم ذلك كله هلكت! إنها صورة كل إنسان ميَّزته رحمة الله وعنايته بظروف مُيسَّرَة، ووَسط حسَن، فتعلَّق به في بادئ الأمر وسار بمُقتضاه فترة، ثم ما لبث أن تحوَّل عنه، وذهب بعيدًا وراء غرور الغنى وشهوات سائر الأشياء.

وعلينا من حينٍ لآخر أن "نَذْكُر امْرَأَةَ لُوطٍ"؛ المرأة التي كانت على أقرب علاقة بشخص خَلص وتبرَّر. تحققت من إرسالية الملاكين المُحذرة، ووَعَت التحذير إلى زمان، وخرجت بالفعل من المدينة الشريرة. وبالرغم من كل هذا هلكت! ففيها نرى كيف يقترب إنسان من النجاة والخلاص، ولكنه، بعصيانه وعدم إيمانه واستهانته، يهلَك.

شنودة راسم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net