إن المقصود بالجِدَاء هو الغنيمات الصغيرة الضعيفة، ومن واجبنا أن نهتم بسلامة نفوس إخوتنا الضعفاء، وبتغذية حياتهم الروحية، فلا نحتقرهم إذ إن المسيح مات لأجلهم. علينا إن كنا أقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء، حتى إذا عثروا أو سقطوا فلا نقسو عليهم بل نهتم بإصلاحهم بكل وداعة "أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا. اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ" ( غل 6: 1 ، 2).
هذا وقد يكون المقصود بالجِدَاء أيضًا المؤمنين الجدد، وهؤلاء يُعنى الراعي بهم عناية خاصة، فإنه "كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ (أي الغنيمات الصغيرة)، وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا، وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ" ( إش 40: 11 ). ومن واجب المؤمنين البالغين أن يهتموا برعاية المؤمنين الأحداث وافتقاد سلامتهم والصلاة لأجلهم ومعهم، وإرشادهم إلى ما يؤول إلى حفظهم طاهرين. علينا أن نُوجدهم في الجو المسيحي المُنعش فيستفيدون من معرفة المؤمنين الأفاضل ومن ملاحظة سيرتهم النقية، ومن خدمات المتقدمين الذين زوّدهم الله بمواهب روحية. "عِنْدَ مَسَاكِنِ الرُّعَاةِ": أي في الجو الصالح الذي يعيش فيه أولئك الأتقياء الذين ائتمنهم الرب على خدمات روحية نافعة لبنيانهم ونموهم في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح.
أما إذا اعتبرنا أن المقصود بقول العريس "جِدَاءك" هو غير المؤمنين، فإنه يكون من واجبنا أن نهتم بأولئك البعيدين عن الله، ولا سيما الذين لنا صِلة بهم سواء كانوا من عائلاتنا وأقاربنا أو أصدقائنا وزملائنا في دوائر أشغالنا. هؤلاء هم الجِدَاء الذين علينا أن نبذل كل جهد في الاهتمام بهداية نفوسهم إلى المخلِّص الوحيد.