في بيت نَابَال كانت الحكمة والحماقة تسكنان جنبًا إلى جنب. لقد ظهرت الحماقة حينما تكلَّم نَابَالُ الرديء (والذي يعني اسمه "أحمق")، وفي المقابل ظهرت الحكمة في "أَبِيجَايِل" التقيَّة، التي كانت "جَيِّدَةَ الْفَهْمِ وَجَمِيلَةَ الصُّورَةِ" (ع3). وقد جاءت بهديتها لتُقابل الشخص الذي اعترفت به كمسيح الربّ "وَسَجَدَتْ إِلَى الأَرْضِ" (ع23)، واعترفت بعدم استحقاقها، ثم عظَّمت أمجاده. وفي الحقيقة أنَّ إيمانها قد ميَّز مجد الملك المرفوض، والمجد الذي سيكون له في يوم قادم. وهكذا نلاحظ أنَّ الجهالة وعدم الإيمان يسيران معًا، بينما الحكمة الحقيقيَّة لا يمكن أن تنفصل عن الإيمان. لقد اعتبر نَابَالُ أن داود مجرد عبد هارب (ع10)، وأما أَبِيجَايِلُ فاعتبرت داود سَيِّدها. وفي حديثها معه (ع24-31) كررت عبارة "سَيِّدي" عن داود 14 مرة!
وبعد أن رَفَضَ نَابَالُ الملك الحقيقي، وأهانه، فقد صنع "وَلِيمَة عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ كَوَلِيمَةِ مَلِكٍ" (ع36). لكن الله نفسه كان مزمعًا أن يضربه. ونحن لا نخسر شيئًا عندما نترك الربّ يعمل لأجلنا. وأما هذا المسكين "نَابَال" الأحمق، فقد خسر فرصة اليوم الطيب (ع8)، وقضى الليل وهو سكران (ع36)، وجاء الغد فمات وصورته بليت، وساده المستقيمون (انظر مزمور49: 14؛ لوقا12: 16-21).
وأمَّا "أَبِيجَايِل" المؤمنة، التي كانت متميِّزة بفهمها الجيِّد ونشاطها وعدم إضاعتها للفرصة (ع18، 23، 42)، كما باتضاعها وتكريسها؛ فقد سألت من داود قائلة: "وَيَكُونُ عِنْدَمَا يَصْنَعُ الرَّبُّ لِسَيِّدِي ... وَيُقِيمُكَ رَئِيسًا عَلَى إِسْرَائِيلَ ... فَاذْكُرْ أَمَتَكَ" (ع30، 31- قارن هذا مع طلبة اللص علي الصليب في لوقا 23: 42). وقد كانت الإجابة أبعد مدى من كل آمالها، فقد اتخذها داود زوجة له. وبدون أسف تركت خلفها غنى العالم لتُشارك الملك المرفوض المغاير والبراري.