هذا المشهد الذي نراه في بيت الفريسي يبيِّن لنا أن لا شيء يعطينا حق التقدم إلى ربنا يسوع إلا خطايانا. فالتعجب منه كمعلم أو صانع معجزات، لا يمكن أن يجعلنا نلتقي به في طريقه بحسب الله، إنما الخطية ومشهد الخطية هما اللذان يقوداننا إلى التعرف بابن الله، لأنه مخلِّص، وقد أرسله لنا الله المُنعم، مُخلِّصًا. قد أتى إليه نيقوديموس كمَن يعمل أعمالاً عظيمة، ولكن كان ينبغي أن يولد نيقوديموس ثانيةً، وكان يجب أن تكون له أفكار أخرى عن المسيح قبل أن يستطيع أن يأتي إليه إتيانًا صحيحًا. وهكذا هذا الفريسي هنا، واضح أنه لم يأتِ كخاطئ إلى المسيح، بل قد انجذب نحوه بواسطة شيء رآه فيه أو كلام سمعه منه، ولذلك أعدَّ له وليمة. ولكن وُجد في البيت مَن وصل إلى المسيح عن طريق آخر يختلف كل الاختلاف عن هذا الطريق، هي امرأة خاطئة في المدينة، وخطاياها هي التي أتت بها إليه. وقد أعدّت هذه المرأة وليمة أخرى، وهي الوليمة التي جلس عليها الرب، وتلذذ بها حقيقةً، لا وليمة الفريسي. دموعها وطيبها وقُبلاتها هي الوليمة التي جلس عليها ابن الله، غاضًا الطرف عن كل المُعدات التي جهزها صاحب البيت.
أمر مبارك للغاية أن الخاطئ هو الذي يعدّ الوليمة للمسيح ويتمتع برفقته. فمائدة الفريسي وأصدقاؤه لم يكونوا بيت القصيد عند المسيح، وإنما الإيمان الذي يدركه كمخلِّص هو الذي يستطيع أن يرتب المائدة قدام ابن الله، في هذا العالم المُقفر. إني ألاحظ أنه في كل المواضع التي يُذكر فيها اهتداء لاوي العشار، يُذكر بعدها مباشرةً أنه أعدّ غذاء للرب في بيته، لأنه كان واحدًا من الذين نزل المسيح من المجد الأسنى لافتقادهم إذ كان عشارًا، أي معروفًا ومشهورًا في العالم بأنه خاطئ، والمسيح هو المُخلِّص. فإيمان شخص كهذا فتح الباب له ورحب به في صفته الخاصة، بينما كان كل شيء مُبعدًا إياه بعيدًا.