إخوتي الأعزاء. كيف يمكنكم مواجهة ذلك الغد المجهول؟ كيف تواجهونه دون أن تصابوا بالجنون، إن لم تعرفوا الله كالآب المُحب، وتضعوا رجاؤكم عليه في شخص المسيح؟ إن فعلتم ذلك لن يتسلل الخوف إليكم. سيبقى الغد غريبًا عليكم، وربما يبدو كئيبًا، لكن يديّ الآب الرقيقة والقوية تعمل خلف الستار وتديره بحكمة واقتدار. سوف يعمل فيكم كي تحتملوا كل ما يحمله المستقبل لكم. إن وضعتم في قلوبكم أن تكون الأولوية المطلقة والشرف الذي لا يدانيه شرف أن تكونوا شهودًا للمسيح، حينئذ ستكونون في مأمن تام، فتُنقذون من فم الأسد، إذ تتم الكرازة بواسطتكم.
إن لم تفعلوا ذلك سيكون المستقبل بالنسبة لكم مُعتمًا وعقيمًا، بل هائجًا مثل البحر، فيضيع منكم السلام ويختفي الرجاء، ويكون نتيجة ذلك أن الصداقات تضعف، والقوة تذبل، والكرامة تزول، والحياة تضيع مثل إنسان ينزلق على حفنة هلامية من رمال على شاطئ محيط رهيب الاتساع.
الأمر الهام الذي يجب أن نفكر فيه فيما يختص بالمستقبل هو عملنا؛ ليس ما سوف يفرحنا أو ما سوف يشقينا، بل ما سوف نعمله. هذا أمر صحي وصحيح. وأعظم ترياق لداء الترقب للمستقبل بصورة معيية يكمن في اعتبارنا للحياة أنها فرصة لعمل الخدمة.
لا تقلق بشأن المستقبل، دع المستقبل يهتم بنفسه. اعمل! أعظم عمل يجب أن نقوم به في الأيام القادمة هو أن نكون شهودًا للمسيح. هذا هو المعنى الحقيقي للحياة. يمكن أن نفعل ذلك في وقت الفرح كما في أوقات الحزن، فهذا الأمر يعطي للحياة مذاقًا طيبًا خاصًا، لذا تحمل كلمات هذه الآية أيضًا وعدًا بالحماية والوقاية.