الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 14 سبتمبر 2023 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
فَبَكَى يُوسُفُ
"لاَ تَخَافُوا ... أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا" ( تكوين 50: 19 ، 20)
كانت دموع يوسف خير جواب على مخاوف إخوته منه بعد موت أبيهم. وهكذا فما أن بلغ إخوة يوسف رده على سفارتهم. حتى هرعوا هم أنفسهم إليه مُتمّمين أحلامه القديمة بسجودهم له في مذلة. لم يدعوا أنفسهم إخوته بل عبيده "وَقَعُوا أَمَامَهُ وَقَالُوا: هَا نَحْنُ عَبِيدُكَ" (ع18). كما لو كان التذلل هو السبيل لكسب الحب أو إظهاره. وإذا كان موقفهم مُعبّرًا حقيقة عن مشاعرهم؛ فهذا يعني أن أفئدتهم لم تُلمس بسني عطف يوسف وترفقه بهم، كما الصخرة نحو المطر. وقد يكون الأمر ادعاءً شكليًا من الخضوع. وإذا كان ذلك كذلك فهذا أسوأ من سابقه. فأخونا هذا الذي أذنبنا بحقه يريد المحبة لا الرعدة. وإذا صدقنا صفحه، فلسوف نهبه بغيته: قلوبنا. ثم لن يلبث أن يُطالبنا بالخضوع التام غير المشروط، والذي لا يمكن أن يمنحه إلا الثقة والمحبة.

ولم تكن إجابه يوسف إلا تكرارًا وتأكيدًا لما قاله بصدد تعريفهم لنفسه في الابتداء. فقد هدأ مخاوفهم التي لا داع لها ( تك 45: 4 ، 5). لم يقل كلمة تعيير أو ملامة لسوء فهمهم إياه، بل تنازل عن كل ادعاء ضدهم، وَسَلَّم كل الأمر للرب وحده، مُظهرًا أنه لا يشعر بأية مرارة إزاء الماضي؛ حيث إنه يرى فيه عناية الله، لا حقدهم وضغينتهم. مُبديًا استعداده لأن يشكر؛ إن لم يشكرهم هم، فهو يشكر الله الذي استخدم هذا الترتيب - وإن كان هكذا مؤلمًا - لكي يكون أداة بركة وخير جزيل. فالإنسان الذي يرى يد الله في ماضيه، ولا يبالغ بشأن أوجاعه، بل بنبل يفكر في الفرص التي أتاحتها له لخدمة الرب، مثل هذا من شأنه ألا يتوقف أمام أناس هم في النهاية أدوات في يد الله.

فإذا أردنا أن نعيش عاليًا فوق الكراهية والانتقام، دعونا نؤصل فينا عادة النظر الى الله العامل من وراء البشر، وهكذا نتحرر من غصص ألم العقم وعدم الإثمار، ونتغلب على خسران لا يعوض، ونتخلص من مشاعر مزعجة كثيرة حيال الآخرين.

ألكسندر ماكلارين
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net