الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 22 سبتمبر 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ابعُد إلى العُمق
فدخل إحدى السفينتين التي كانت لسمعان، وسأله أن يبعد قليلاً عن البَرّ، ثم جلس وصار يعلِّم الجموع من السفينة ( لو 5: 3 )
تأمل في النعمة المُدهشة المتلألئة بجمالها في ثنايا كلمات الرب لسمعان: «وسأله أن يبعد قليلاً عن البَرّ». مع أنه رب الخليقة كلها مالك السماوات والأرض، ولكنه كالإنسان السامي الأخلاق يعترف لسمعان بحق الملكية، ويسأله على سبيل المعروف والجميل أن يبعد قليلاً عن البَرّ. حقًا إن هذا هو مُنتهى الجمال الأدبي، وبلا شك قد ترك أثرًا في قلب سمعان.

«ولما فرغ من الكلام قال لسمعان: ابعُد إلى العُمق والقُوا شباككم للصيد» وهكذا سيأخذ سمعان أجرة حسنة على إعارة سفينته للرب. وما دامت الشبكة ستُلقى على كلمة الرب، ففي ذلك الكفاية وكل الكفاية. وهكذا لم تكن شبكتهم ولا سُفنهم قادرة على احتمال أثمار القوة الإلهية وما فيها من كرم، إذ «أمسكوا سمكًا كثيرًا جدًا».

ولنتأمل لحظة في النعمة الغنية المتلألئة بجمالها في مُعاملة الرب لسمعان بطرس. فالشعور بالخطية كان عميقًا وحقيقيًا في نفس بطرس، فالسهم قد اخترق قرار القلب، ووصل إلى أعماقه. ولهذا اعترف بطرس بأنه رجل مملوء بالخطية، وشعر أنه ليس بمستحق أن يقف بالقرب من شخص كالرب يسوع. ولو أننا نثق تمامًا أنه لو أُعطيَ العالم كله، لَمَا فضَّل الوجود في أي مكان آخر خلاف هذا. نعم، إنه كان مُخلِصًا تمام الإخلاص في قوله: «اخرُج من سفينتي يا رب، لأني رجلٌ خاطئ!». ولكننا نعتقد تمام الاعتقاد أنه كان متأكدًا في داخل نفسه أن الرب المبارك سوف لا يعمل عملاً كهذا، ولو فعل لكان مُحِقًا، ولكن حاشا ليسوع أن يفارق الخاطئ المسكين المكسور القلب. فقد كانت كل أفراحه محصورة في أن يسكب من بلسم محبته ونعمته على النفوس الجريحة، ويعصب القلوب المنكسرة، فهو قد مُسح لهذا العمل، وكان طعامه وشرابه في تتميمه.

«فقال يسوع لسمعان: لا تخف! من الآن تكون تصطادُ الناس!». هذا هو جواب النعمة لصراخ القلب المنسحق التائب. ولو أن الجرح كان عميقًا، إلا أن النعمة كانت أعمق، وقد انسكبت عليه بلسمًا شافيًا من يد المخلِّص اللطيفة. فسمعان لم يشعر بفساد نفسه فقط، ولكنه نال نعمة الخلاص في الحال، إذ إنه وإن كان قد شعر بأنه رجل مملوء بالخطية، إلا أنه رأى المخلِّص مملوءًا بالنعمة، وهذه النعمة لا تعجز دون الوصول لخطيته. نعم، فكما أن دم يسوع فيه قوة للخلاص، هكذا في قلبه توجد نعمة مُتسعة لقبول أعظم الخطاة.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net