ولكن شكرًا لله الذي يقُودُنا في موكب نُصرته في المسيح كل حينٍ ( 2كو 2: 14 )
بين القادة المنتصرين، والعظماء الذين عرفهم التاريخ، لا يوجد مَنْ خَلا سجله من إخفاق وحيد في مجال انتصاراته المدوية، ناهيك عن أنه لم تعرف البشرية إنسانًا انتصر في كل مجالات حياته سوى شخص واحد يستحق بالفعل أن يُلقَّب ”بالمنتصر الأعظم“؛ إنه الرب يسوع، المُنتصر الفريد في كل ميدان دخله، وإلى الدرجة القصوى من الظَفَر، هو قد انتصر.
فلقد انتصر المسيح على المعوقات الطبيعية التي واجهته في طريق إتمام مشيئة الآب، سواء عند تجسده، أو في حياته، أو في موته. فمحبته كانت أقوى من كل معطِّل. كما انتصر كذلك على العالم بضيقاته، وبمغرياته إذ ظلت عيناه مُثبتتان نحو السماء في جميع الأحوال. وانتصر له المجد على الشيطان ـ عندما واجهه في البرية ـ بالمكتوب، أو في البستان بالصلاة المجاهدة. وانتصر المسيح أيضًا على الخطية بذبيحة نفسه، فكان هو حَمَل الله الذي يرفع خطية العالم. وكما انتصر على الخطية، فقد انتصر أيضًا على أقسى نتائجها، أَلا وهو الموت، فقد أمات الموت بموته عندما ذاق بنعمة الله الموت لأجل كل شيء، فصار الموت للمؤمن المسيحي ربحًا، وصار في رصيد المؤمنين بالمسيح يُنشدون: «أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟». فقد قام المسيح ظافرًا منتصرًا من بين الأموات.
وطول خدمته على الأرض، وبعد ارتفاعه إلى عرش العظمة في مجد السماء، كان انتصاره وانتصار إنجيله على شر الإنسان بواسطة فيض النعمة الغنية التي حيثما ذهبت نجحت، وحيثما جرى نهرها أدهشنا ثمرها، فقد وصلت إلى أول الخطاة، وامتد تأثيرها إلى جميع العيّنات وكل الفئات. وعن قريب جدًا سيخرج المسيح من السماء المفتوحة ظافرًا منتصرًا على كل أعدائه فيبيدهم بنفخة فمه، عندما يحين وقت مجد قوته عند انتهاء زمان مجد نعمته. وعندها سيتحقق المرسوم الإلهي القديم ( مز 2: 6 - 9)، ونرى الكل مُخضعًا له بالفعل ( عب 2: 8 ، 9).
لقد دخل المسيح جميع هذه المعارك كالإنسان الكامل، وانتصر ليس لحسابه الشخصي، بل لحساب الله ومجده، ولحساب الإنسان وبركته ورِفعة رأسه!