الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 8 ديسمبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رأي مشيئته
فِيهِ أَيْضًا نِلْنَا نَصِيبًا، مُعَيَّنِينَ سَابِقًا حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ ( أفسس 1: 11 )
الله عنده مشاريع يريد أن ينجزها، وهي تتناسب معه في عظمة أفكاره وتمتد للأبدية، وهذه المشاريع لا بد أن تنجح وتحقق مجده، لكنها تحتاج إلى مَن يشارك فيها ومَن يتحمَّل الكُلفة. وهو في مُطلق سلطانه يختار الزمان والمكان والأشخاص الذين سيشاركوه في مشروعه، ويُشرِّفهم بهذا الامتياز. أحيانًا يُهيئهم بإعلان مُسبق، وأحيانًا يكتم الأمر عنهم ولا يُخبرهم. هذا ما نراه في إبراهيم الذي قدَّم وحيده إسحاق على المذبح وهو مُجرَّب، قدَّمه وهو لا يعلم لماذا؟ كذلك إسحاق أطاع حتى الموت وهو أيضًا لا يعلم لماذا؟ فالله لم يطلب قط في كل التاريخ ذبيحة بشرية. كان المشروع في فكر الله واضح المعَالم والهدف، لكنه احتفظ به في نفسه. لقد كان يريد أن يُعبِّر عما في قلبه من محبة للإنسان، وأنه سيضحي بابنه الوحيد ويبذله على الصليب لكي يُعطي للإنسان حياة أبدية. لذلك قدَّم نموذجًا مُصغَّرًا من خلال إبراهيم، يحمل هذه الفكرة لكل الأجيال. وكم كانت هذه القصة ولا تزال، سبب خلاص لكثيرين، وسبب تكريس لمؤمنين تعلَّموا أن يقدِّموا ذواتهم للرب كذبيحة حيَّة. إبراهيم تحمَّل المُعاناة، والملايين استفادوا.

كذلك نرى مشروعًا آخر في الأسرة المحبوبة التي تجرَّبت في بيت عنيا وفقدت لعازر الأخ الوحيد. لقد تعرَّضوا لتجربة أليمة، وأرسلوا رسالة رقيقة إلى الرب تقول: «يا سيد، هوذا الذي تُحبه مريض». وكان من الممكن والمنطقي أن الرب يعفيهم من هذه التجربة، فهو يُحبهم ويستريح في بيتهم، وكان من الممكن أن يشفي لعازر بكلمة من بعيد، أو يُطيل عمره حتى يحضر إلى بيت عنيا. وبالتأكيد لو كان قد فعل ذلك لكانوا سيحبونه ويفرحون به لأنه أشفق عليهم. لكن المشروع كان أكبر من ذلك بكثير. لقد قال عنه: «هذا المرض ليس للموت، بل لأجل مجد الله، ليتمجَّد ابن الله به». لقد سمح أن يموت لعازر ويُدفن، ويصير له أربعة أيام في القبر، ثم ذهب إلى هناك، وكانت المدينة كلها مجتمعة عند القبر، ولأجل الجمع الواقف صلى، ليؤمنوا أن الآب قد أرسله. وبكلمة مصحوبة بسلطان أمر لعازر أن يخرج، فخرج أمام عيون الجميع، وتبرهن أمامهم مجد ابن الله، وكانت النتائج مُذهلة. لقد دفعت الأُختان الثمن، وذرفتا الدموع الغزيرة، لكن الله أعلن ذاته أمام الجموع. وفي الحالتين الله كافأ هؤلاء الذين تحمَّلوا الكُلفة بصبر وخضوع، وشاركوا الرب في مشروعه.

محب نصيف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net