الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 23 إبريل 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أحزان بحر المُر
وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ، مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ ( يوحنا 19: 25 )
من بين النساء الأربع اللائي كُنَّ عند الصليب كانت ثلاثة منهن باسم ”مريم“، الاسم الذي يعنى ”مرار“. فيُقال إن ”مريم“ بالعبري هي كلمة من مَقطعين: المقطع الأول بمعنى ”مر“، والمقطع الثاني ”يم“ بمعنى ”بحر“. فمريم تعني، كما يرى البعض، ”بحر المُرّ“. ولقد كان عند صليب يسوع مرَار مثلث، وهؤلاء المريمات كن يتجرَّعن المرار والعلقَم في أفظع صوره، إلا أنَّ المرار الذي كانت فيه أم يسوع كان أشد أنواع المرار:

أولاً: إنَّ من أصعب الأمور على قلب الأُم أن ترى ابنها يموت. فأي أُم ترجو أن ابنها هو الذي يواريها التراب. لكن أية كلمات تَصِف لنا حزن أم الرب وهي تنظر إلى ابنها يموت مُعلَّقًا على صليب! إن يسوع لم يكن مجرَّد ابنٍ وَفيّ، بل كان هو كمال الكمال في كل شيء. إنه لم يفعل شيئًا ليس في محله، ولم يترك شيئًا في محله إلا وعمله. إنه، بين البنين، «كالتفاح بين شجر الوعَر». وتلك التي كانت تفخَر بأنها أُمه، كيف لا يخترق السيف أحشاءها وهي تراه يموت أمام عينيها؟

ثانيًا: لم يكن المسيح مجرَّد شخص نبيل تفخَر به أي أُم فحسب، بل لقد كانت أُمه، قبل أي شخص آخر، تعرف حقيقة أصله ومقدار عظمته. لقد قال لها الملاك جبرائيل يوم أن بشَّرها بولادته: «هذا يكون عظيمًا، وابنُ العلي يُدعى، ويعطيهِ الرب الإله كرسي داود أبيهِ، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لمُلكِهِ نهاية». أما الآن فلها أن تتساءَل بقلبها الكئيب، وهي تشاهد شمسه تغيب: أين تلك العظمة المُتنبَأ عنها؟ وأين ذلك العرش وذلك الملكوت؟ نعم لقد زادَ من قسوة الحزن على موت ابن بار، أنها كانت واقعة تحت رحى أملٍ يذوي وينهار!

ثالثًا: لكن حُزن قلبها المَكلوم قد تضاعف لشيءٍ ثالث: فليس أن ابنها يموت فقط، وأن العظيم وابن العلي «يُقطَع وليس له»: أي ليس له شيء على الإطلاق. نعم لم يكن ذلك فحسب، بل ها إنه يموت ميتةً كهذه. يموت مصلوبًا على خشبة، أي يموت موت اللعنة، ويُحصَى مع أثمَة. ويُعيَّر من القادة والعامة بأشنع العبارات في مَسمعه ومسمَعها أيضًا. نعم، مَنْ يقدر أن يُقدِّر حجم الكارثة الدهماء التي ألمَّت بالمطوَّبة مريم وهي ترى ابنها بين أيدي أعداء عُتاة، يقاسي الهوان ويتجرَّع الموت وهو فوق صليب العار!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net