كثيرًا ما يكون امتحان الأمانة في كيفية التصرُّف في ما بين أيدينا من ممتلكات. والرب أوضح هذا المبدأ الهام في تعليقه على مَثَل وكيل الظلم ( لو 16: 1 -13)، وقد قدَّم لنا – تبارك اسمه – تحديًا خطيرًا في ثلاث عبارات:
أولاً: «الأَمين في القليل أَمينٌ أيضًا في الكثير» (ع10): القليل هو الأقل أهمية، والكثير هو الأكثر أهمية. والمقابلة هي بين المال الفاني الزائل والأمور الروحية الباقية والأبدية. والمسيح يُعلِّمنا أن محَّك أمانتنا في الأمور الروحية هو كيفية تصرُّفنا في الأمور المادية. وبلغةٍ أخرى: إن كنا أُمناء في التصرُّف في المال والممتلكات، فهذا مؤشر أننا سنكون أُمناء في عطايا الله الروحية الثمينة التي أعطاها لنا. أ لم يمنحنا الخلاص؟ أ لم يُسكّن فينا روحه القدوس؟ فكيف نتصرَّف إزاءها؟
ثانيًا: «فإن لم تكونوا أُمناء في مال الظلم، فمَن يأتمنُكُم على الحق؟» (ع11): المقابلة هنا بين مال الظلم والحق. ومال الظلم هو تسمية المال عمومًا، وليس فقط ما نحصل عليه بطرق شريرة. وقد سُميَ هكذا لأنه ربما يكون من أكثر الأشياء التي تُستخدَم لأغراض لا تُمجِّد الله على الإطلاق. أما الحق فهو معرفتنا بالمسيح الحق، وامتلاكنا لكلمته التي هي حق. وهكذا يضع الرب مال الظلم في مُباينة مع الغنى الحقيقي؛ فالمال قيمته غير أكيدة ووقتية، فيما للحقائق الروحية قيمة ثابتة وأبدية.
تُرى مَن هو المؤمن الذي يستأمنه الرب على كنوزه الروحية، ويكشف له ما في الكلمة من جواهر ولآلئ، ويفتح له الأبواب لاستثمارها لربح أبدي، سوى الذي تبرهنت أمانته أولاً في استخدامه للمال؟
ثالثًا: «وإن لم تكونوا أُمناء في ما هو للغير، فمَن يُعطيكم ما هو لكم؟» (ع12). إن أجسادنا وأوقاتنا وقدراتنا وممتلكاتنا هي كلها ملك لله ( 1كو 8: 6 ). ويا لها مِن حقيقة! ولأننا وكلاء على ما هو لله، فهو يتوقع أمانتنا حتى يُعطينا ما هو مُذخر لنا من أفراح وتعزيات واستخدام هنا، ثم أفراح ومكافآت هناك في الأبدية. فإن كنا غير أُمناء في ما للمسيح، فكيف نتوقع أن نُعطى ما هو لنا؟!
ليت الرب يُعقِّلنا حتى لا نستخدم ما بين أيدينا من أمور هذا العالم للاستمتاع بهذا العالم المنفصل كُليةً عن الله، بل نستخدمها بالنظر إلى المستقبل السماوي، لتكون استثمارات الحياة أرباحًا في الأبدية.