الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 13 يناير 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
وأُغلِقَ الباب
فَدَخَلَ نُوحٌ وَبَنُوهُ وَامْرَأَتُهُ وَنِسَاءُ بَنِيهِ مَعَهُ إِلَى الْفُلْكِ ... وَأَغْلَقَ الرَّبُّ عَلَيْهِ ( تكوين 7: 7 ، 16)
ألا تُذكِّرك حادثة الطوفان بشيء قاله المسيح؟ «إن كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرون من بعد ما يكون رب البيت قد قامَ وأَغلقَ الباب، وابتدأتم تقفون خارجًا وتقرعون الباب قائلين: يا رب، يا رب! افتح لنا. يُجيب، ويقول لكم: لا أعرفُكُم من أين أنتم!» ( لو 13: 24 ، 25).

إن نوحًا بقيَ عشرات السنين يعمل في الفلك الكبير الذي يَسَع الكثيرين، وهو في كل تلك المدة ينادي للناس مُحذرًا ومُنذرًا بالخطر، ولكنهم لم يسمعوا. وقد بقيَ باب الفلك مفتوحًا مدة طويلة ليدخل فيه أي مَن يشاء بدون شرط ولا أجر ولا كُلفة، ولكن الناس استمروا لاهين غافلين هازئين، حتى جاء الطوفان ودخل نوح وبنوه إلى الفلك، وعندئذٍ أغلق الله باب الفلك عليه. ومتى أغلق الله فمَن ذا الذي يستطيع أو يجرؤ أن يفتح؟ ولا نوح نفسه. أخذ الطوفان في النزول فبدأ الناس يستفيقون، ولكن متى؟ بعد أن ضاعت الفرصة، وهل ينفع الندم؟ كانوا بالأمس لا يُصدّقون واليوم أدركوا أن نوحًا كان صادقًا، ولكن جاء الإدراك متأخرًا، فما المنفعة؟ كانوا يسخَرون بنوح ويتغامزون عليه كأن الرجل قد جُنَّ، فظهر أنهم هم الذين كانوا يتصرَّفون تصرُّفًا جنونيًا، لأنهم كانوا يهتمون كل الاهتمام بالحاضر الوقتي الزائل وينسون كل النسيان مستقبل أرواحهم الأبدية الخالدة. استفاقوا كما يستفيق إنسان من سُكْره - وقد كانوا فعلاً سكارى بملذات الحياة - وتجمَّعوا حول باب الفلك يطرقونه بأشد ما فيهم من قوة، ويُنادون نوحًا أن يفتح لهم، ثم يستعطفونه بأرق الكلمات وأحرّ التوسلات، وربما كانوا يقولون له: لماذا لا تفتح لنا؟ ولماذا تقصد تعذيبنا وإهلاكنا؟ هل يهون عليك أننا نهلك؟ هل يطاوعك قلبك الرقيق على ذلك؟ أ لسنا نحن الذين كنت تُعاشرنا فنخدمك وتحنو علينا فنحبك؟ فينا الأشيب الهزيل، والمرأة الضعيفة، والرجل الذي هو محط آمال زوجته وأولاده، فلماذا تقسو علينا؟ وكأن نوح يطل عليهم ويُجيبهم: أمَا قلت لكم فلم تسمعوا؟ أمَا رَجوتكم فما طاوعتم؟ إنني لا أستطيع أن أفتح، لأن الرب هو الذي أغلق، ومتى أغلق الله فلا يستطيع أحد أن يفتح.

وبين الأخذ والرَّد كانت المياه قد طمَت فغطتهم جميعًا، فراحوا ضحية الإهمال والتسويف والتواني. فوا حسراتاه عليهم جميعًا، بل واحسرتاه عليك أيها القارئ العزيز، إذا كانت آخرتك تُشبه آخرتهم! إنها نهاية مُروعة فارحم نفسك الآن.

ارجِعوا للربِ حالاً واطلُبوا منهُ الخلاصْ
واسمَهُ علُّوا وأهدوا السُّبحَ من دانٍ وقاصْ

سبرجن
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net