الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 14 يناير 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يعبيص وأُمه
وَكَانَ يَعْبِيصُ أَشْرَفَ مِنْ إِخْوَتِهِ. وَسَمَّتْهُ أُمُّهُ يَعْبِيصَ قَائِلَةً: لأَنِّي وَلَدْتُهُ بِحُزْنٍ ( 1أخبار 4: 9 )
في العبارات التي قيلت عن يَعبيص، هناك تقريران: الأول تقرير الناس عنه، ويتمثَّل فيما رأته أُمه، أما التقرير الآخر فهو تقرير الله. وما أبعد الفجوة بين الطريقة التي يرانا الآخرون بها، والطريقة التي يرانا بها الله! قد يرانا الناس بصورة حسنة، ويرانا الله بطريقة مختلفة، وقد يرانا الناس كما رأوا يعبيص بصورة سيئة، ومع ذلك فرؤية الله له كانت رائعة ومُنصِفة.

«سمَّتهُ أُمهُ يعبيص قائلةً: لأني ولدتُهُ بحزن». وربما تكون أُمُّهُ قد اختبرت آلامًا معيَّنةً وهى تَلِده، فارتبط مجيئه بالحزن، ربما فقدت شيء غال عليها في وقت ولادته، أو حدثت كارثة ما في محيط الأسرة، وظل وجود يعبيص يُذكِّرها بما فاتها أو ضاع منها، لذلك عندما وُلِد سَمَّتهُ أُمُّه “يعبيص”، والاسم يعني “المُسبِّب للحزن” أو “جالب الحزن”. لم تفكِّر هذه الأُم في ابنها وتأثير ما أطلقته عليه بعد ذلك، ولكنها فكَّرت في نفسها وما مرَّت هي به. وما أكثر ما تكون أفكارنا محصورة في ذواتنا لا في الآخرين!

لقد أطلقت حواء على “قايين” هذا الاسم وَقَالَت: «اقتنيتُ رجلاً من عند الرب» ( تك 4: 1 )؛ وكان الأمل يملؤها في أن يكون هو الرجل الذي سيجلِب البركة والخير لنفسه وللآخرين ( تك 3: 15 ، 20)، وبعد أن كبر وعاش وظهرت حقيقته تحطَّمت آمالها كلها، فقد عاش قايين بصورة مُخالفة لتصوراتها وآمالها.

وأعطَت “أُم يعبيص” ابنها اسمًا يدُّل على شعورها بالحزن، ولكن الاختلاف بين حواء وأُم يعبيص، أن الأولى كان لديها أمل في ابنها وخابت آمالها، أما الثانية لم يكن لديها أمل فيه، ومع ذلك كان لله بجملته.

ومع أن ما فعلته أُم يعبيص هو الأسبق في حياته؛ أقصد إطلاق الاسم عليه، إلا أن الكتاب أول ما تكلَّم عن يَعْبِيصَ ذكر لنا تقرير الله عنه أولاً، وهو الشيء اللاحق والمتأخر، ومع ذلك ذكره الكتاب أولاً «وكان يعبيص أشرَف من إخوتهِ». كان يعبيص في نظر أُمُّهُ مُحزِن أو مُسبِّب للحزن، ولكنه في نظر الله « كان .. أشرَف من إخوتهِ». نظرت أُمُّهُ وقالت: إنه مُحزن، ونظر الله وقال: إنه «... أشرف من إخوتهِ». وكان كذلك لأنه كان رجل صلاة؛ عرف كيف يُصلى، ولمَن يُصلي.

الربُّ عيناهُ على خائفهِ الأمينْ
وأُذنُهُ تُصغي إلى دُعاءِ ذا المسكينْ

إسحق شحاتة
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net