الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 28 يناير 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أُنسيمُس النافع
ابْنِي أُنِسِيمُسَ ... كَانَ قَبْلاً غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلَكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي(فليمون 10، 11)
لقد ظلت قطعة من رخام “الكارارا” مرميَّة نحو مئة سنة في فناء كاتدرائية فلورنسا الإيطالية. ثم طُلِب إلى نحَّات شابٌ، سنة 1501، أن يصنع شيئًا من تلك الكتلة الصخريَّة المُهملة. فقاس الكتلة، وتنبَّه إلى عيوبها، وفي ذهنه تصَّور فتًى راعيًا. ثم قضى ثلاث سنين يعمل بإزميله في تلك الكتلة الرُّخامية، ويُشكِّلها ببراعة. وأخيرًا، عندما أُزيح الستار عن تمثال داود البالغ طوله فوق الستَّة أمتار، هتف تلميذ “مايكل أنجلو” – ناحِت ذلك التمثال – مُخاطبًا مُعلِّمه: “سَيِّدي، لا ينقصه إلا شيء واحد: أن ينطق!”.

لقد كان “أُنسيمُس” أشبه بكتلة الرُّخام المَعيبة تلك، فقد كان عبدًا هرب من سَيِّده “فليمون”. ولكنه وهو هارب تعرَّف بالنَّحات الأعظم، وإذ صار إنسانًا جديدًا، فقد أصبح نافعًا لبولس في خدمة الرب. وحين أعاده الرسول بولس إلى “فليمون”، امتدَحه بقوله إنه: «كان قبلاً غير نافعٍ لكَ، ولكنه الآن نافعٌ لكَ ولي». وطلب من “فِلِيمُون” أن يستقبل “أُنسيمُس” من جديد باعتباره «أخًا محبوبًا» (فل11، 16).

أيها الأحباء: في وِسع الرب أن يُجري فينا تغييرًا عظيمًا، وأن ينحَت صورته في حياتنا الناقصة، ويُجمِّلنا ويجعلنا نافعين أيضًا. ولكن لا بد من إزالة نتوءاتنا الخشنة لإبراز صورة المسيح فينا. فليتك، أخي المؤمن المتألم، تشكر الرب، بقلبٍ كسير وإرادة مُخضعة من أجل الأحزان والآلام التي فيها دخلت نفسك في الحديد، والحديد في نفسك، ففي آخر المطاف ستجد أن «كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله، الذين هم مدعوون حسبَ قصدِهِ» ( رو 8: 28 ).

والرسول بولس حينما أحسَّ بالشوكة المؤلمة والمُذِلة في جسده للمرة الأولى تضرَّع إلى الرب أن يبعدها عنه. ثم عاد يلِّح على الرب إذ لم يحصل على جواب مباشر. ولكن عندما أتت إلى هذا القديس المتألم كلمة الله، اقتنع، وشبع: «فقال لي: تكفيكَ نعمتي، لأن قوَّتي في الضعف تُكمَلُ. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي، لكي تَحِلَّ عليَّ قوةُ المسيح» ( 2كو 12: 7 -10). فإذا كانت ضيقاته - التي كان من شأنها أن تكسره وتحنيه – قد أعطت قوة المسيح فرصة لكي تشمَلَهُ، فيكفيه ذلك.

ومن المؤكد أنه في يومٍ آتٍ سنرى كل الطريق الذي قادنا الرب فيه، وسنفهم فهمًا تامًا كل ما لحقنا من تجارب وأحزان كنا نحتاج إليها لتدريبنا وبركتنا. عندئذٍ سنكون قادرين أن نُرنم ونبارك اليد التي قادَت، والقلب الذي كان يحنو.

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net